قصص حب

قصص حب أيام الصحابة من أروع ما يكون على الإطلاق

إن جيل صحابة الرسول صلَّ الله عليه وسلم لا مثيل لعزمهم، فهم سادة الدنيا بأسرها هدىً وفي الأفعال، أما عن المواقف فمواقفهم كالجبال الراسخة قد انجلت، وأما عن شمائلهم فقد زكت منهم أفضالا.

هم قدوة وبهداهم نقتدي، وبنهجهم نستشرف الأجيال، فالصحابة هم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقومها هدىً، وأقلها تكلفاً، وأفضلها حالاً؛ وقد اختار الله سبحانه وتعالى الصحابة وانتقاهم لنبيه صلَّ الله عليه وسلم ولإقامة دينه.

وقد قال “ابن مسعود” رضي الله عنه وأرضاه: (فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة).

وقد قال تعالى في كتابه العزيز بسورة الفتح: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود).

قصة حب السيدة زينب بنت الرسول وزوجها أبي العاص:

تزوجت السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها من “أبي العاص بن ربيع” ابن خالتها وكان ذلك قبل النبوة والإسلام، وأنجبت منه رضي الله عنها وأرضاها علي وأمامة، وتوفي ابنها علي وأما ابنتها فقد تزوجت فيما بعد من “علي بن أبي طالب” رضي الله عنه وأرضاه.

وعلى الرغم من كل الحب الذي جمع بين السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها وزوجها أبي العاص بن الربيع إلا إنها أسلمت وحدها ولم يسلم معها أبو العاص خشية من أن يقول قومه لقد خذلنا أبو العاص بن الربيع؛ فقال لها: “هل عذرتِ وقدرتِ؟”

فقالت له رضي الله عنها وأرضاها: “ومن يعذر إن لم أفعل؟!”

وبقيت السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها مع زوجها في مكة المكرمة، فلم يكن قد أنزل الله سبحانه وتعالى آيات تحريم الزواج بغير المسلم وحتى جاءت الهجرة من مكة للمدينة المنورة، ولكن “أبو العاص بن الربيع” تمسك بزوجته ولم يدعها تهاجر مع أبيها صلَّ الله عليه وسلم وتتركه فبقيت معه بمكة.

وخاضت قصة حبهما العظيمة طريقا شائكا عندما التقى زوجها “أبو العاص بن الربيع” مع أبيها رسول الله “محمد بن عبدالله” في غزوة بدر، فبكت السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها وقالت بكل أسى وحزن: (إني أخشى من يوم تشرق فيه شمسك فييتم فيه ولدي أو أفقد فيه أبي).

وكانت هذه الغزوة هي المرحلة الفاصلة في حياة السيدة “زينب” رضوان ربقي عليها مع زوجها “أبي العاص بن الربيع”؛ فقد أسر زوجها في هذه الغزوة (غزوة بدر) على يدي “عبدالله بن جبير الأنصاري”، وقد بث أهل مكة أفديتهم لأسراهم، وجاء في فداء “أبي العاص بين الربيع” أخوه “عمرو” ومعه قلادة أعطتها إياه السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها.

كانت القلادة لوالدة السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها (السيدة خديجة بنت خويلد)، فلما رآها رسول الله صلَّ الله عليه وسلم عرفها يقين المعرفة ورق لها، وقد جاء في الأثر أن الذهبي في سير الأعلام أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال لأصحابه إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فعلتم، فقالوا نعم، وحينها أخذ رسول الله صلَّ الله عليه وسلم العهد على “أبي العاص بن الربيع” أن يرد إليه ابنته، وكان بذلك التفريق بينهما.

وعندما عاد “أبو العاص بن الربيع” إلى مكة أخبر زوجته الحبيبة بأنه قد آن الأوان لتذهب لأبيها بالمدينة المنورة، وكم أحزنها رضي الله عنها وأرضاها هذا القرار بفراقها عن زوجها، فأثناء حديثه إليها كانت العبرات تخنقها؛ أما عن “أبو العاص بن الربيع” فلم تطاوعه نفسه ولم يجد القدرة والتقوي على إيصالها لأبيها خارج مكة لما وجد من آلام وأحزان لفراقها.

والحل الوحيد الذي توصل إليه أن يطلب من أخيه “كنانة” أن يقوم بتوصيل زوجته السيدة “زينب” لأبيها رسول الله خارج مكة، إذ إنه لن يستطيع أن يفعل ذلك بأحب النساء إلى قلبه، وقبل أخوه “كنانة” طلبه وبالفعل اصطحب السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها لإيصالها لأبيها رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وأثناء الطريق هاجمهما مجموعة من المشركين بطريقة قاسية للغاية لدرجة أنهم أفزعوا السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها، إذ أنهم وجهوا إليها الرمح وهددوها بالقتل.

ودام الفراق بين السيدة “زينب” بنت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وزوجها “أبو العاص بن الربيع” لما يقارب الستة سنوات، إذ أنه في يوم من الأيام بينما خرج “أبو العاص بن الربيع” في قافلة تجارة إلى الشام، وتتعرض هذه القافلة لسرية من المسلمين فيأخذوا ما جاء فيها ويأسروا من كان بها، فيفر منهم “أبو العاص بن الربيع” ويذهب لزوجته السيدة “زينب” لتجيره في إعادة الأموال إليه.

وبالفعل أجارته السيدة “زينب” رضي الله عنها وأرضاها إذ خرجت للمسجد وأعلنت أنها أجارت “أبي العاص بن الربيع”، فلما سمعها والدها النبي صلوات ربي عليه قال: (لقد أجرت من أجارته زينبا)، ومن بعدها عاد النبي صلَّ الله عليه وسلم للمنزل وذكر ابنته رضي الله عنها وأرضاها بأن “أبي العاص” لم يعد حلا لها؛ وأرسل صلَّ الله عليه وسلم إلى المسلمين الذي كانوا بالسرية يستأذنهم في رد أموال “أبي العاص بن الربيع”، وقد قبلوا طلب رسول الله في الحال.

وعندما أتى أحد أفراد السرية ليؤتي أبي العاص أمواله سأله لم لا تدخل في الإسلام، فرفض أبو العاص وأخذ الأموال وعاد لمكة، وأعاد لكل ذي مالٍ وماله، وسأل جميعهم هل من أحد لديه حق عندي؟!، فقالوا لا؛ فأعلن دخوله في الإسلام وذهب للمدينة المنورة مغادرا مكة المكرمة، وعاد لزوجته وحبيبته ولكنها فارقته بعد عودته بعام واحد، وكان على الدوام يواسيه رسول الله في رحيل ابنته، ولكنه كان يخبره أبو العاص بأنه لا يقوى على الحياة بدونها، وقد فارق الحياة بعد رحيلها بعام.

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

4 قصص حب أيام الرسول من أجمل ما ستقرأ يوما يقيناً

قصص حب مكتوبه حزينه مؤثرة ونهايتها غير متوقعة

وأيضا.. قصص حب زمن الصحابة مواقف توضح لنا حقيقة الحب في زمن صحابة الرسول عليه السلام

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى