غير مصنف

قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج6

ولازلنا نستكمل قصة “انطفاء القمر”، القصة التي تحمل في طياتها وبثناياها الكثير من الحب والتضحية.

قصة عن فتاة ندر مثيلاتها بزماننا، فعلى الرغم من كل مآسي الحياة وصعوباتها إلا إنها استطاعت أن تصمد وتستكمل رسالتها بالحياة، وقد كانت رسالة سامية تمكنت من تأديتها على أفضل وجه على الإطلاق.

انطفـــاء القمر ج6

كان على “قمر” أن تزوج ابنها الأكبر “علي” والذي كان قد عزف نهائيا عن فكرة الزواج بعدما وقع في حب شقيقة صديقه المقرب، والتي حرم منها نظرا لرفض شقيقته “عائشة” لصديقه، فلم يطلب من صديقه الزواج من شقيقته خشية الرفض، فآثر أن تدوم صداقتهما ولا يربط بينهما نسب.

كانت والدته “قمر” كثيرة الإلحاح عليه في اختيار شريكة عمره، ومن كثرة إصرارها على زواجه قرر أن يطاوعها، وبالفعل اختار فتاة صغيرة في السن، كانت تبلغ حينها خمسة عشر عاما، اختارها لتكون صغيرة ويعلمها كل شيء بالحياة على يديه.

ولكن “علي” لم يكن يعلم حينها أن قراره سيكون سببا في تعاسته ما بقي من حياته، بداية زواجه كانا ينعمان بالحياة الرغدة الطيبة الهنيئة، ولكن كلما تسارعت بينهما الأيام كلما ضاقت عليهما الحياة بما رحبت.

“علي” لديه الكثير من خبرات الحياة، لديه قدرة استيعاب تختلف كليا عن حال زوجه والتي لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها، في البداية حاول لكثير من المرات أن يتجاوب معها، وأن يعلمها الكبيرة قبل الصغيرة، ولكن دون جدوى أو فائدة تذكر!

“قمر” من تحملت الإصلاح بينهما، وعلى الرغم من كل انشغالاتها ومسئولياتها بالحياة إلا إنها كانت ترى زوجة ابنها كبناتها ولم ترد لها إلا حياة هادئة مطمئنة مع ابنها الأكبر والذي كانت تزيد في حبه نظرا للشبه الكبير الذي حظي به من والده.

وبعد شهور قليلة باتت زوجة “علي” حاملا، كانت السعادة تغمر المنزل بأكمله، ويا لسعادة قلب “قمر” إذ أنها سترى أول أحفادها من الأبناء الذكور، وابن الغالي بالنسبة لقلبها؛ ومرت شهور الحمل على أكمل وجه ووضعت ابنة غاية في الجمال، تجمع بين صفات “قمر” ووالدها “علي”، ووالدتها التي كانت تنعم بقدر عالي من الجمال؛ فالابنة كانت حقا آية في الجمال.

ومن جديد تعود المشكلات بين “علي” وزوجته، ولكن “علي” كانت قمر تحمله دوما على الصبر وعلى التحمل، وعلى التغيير ولاسيما أنه كان قراره من البداية على الرغم من كل تحذيراتها، قراره بأنه يحسن من شأنها ويعلمها كل شيء، فبات “علي” يتعامل معها على كونها طفلته المدللة محاولا على قدر استطاعته تقليل المشاحنات بينهما وتأمين حياة أفضل لوليدتهما.

تحديات مصيرية:

وفي يوم من الأيام تتفاجأ “قمر” بطلب ابنها “أحمد” حيث أنه يريد ابنة خاله زوجة له، وعلى الرغم من كل محاولاتها في إقناعه بغيرها من الفتيات إلا أن جميعها بائت بالفشل، وكل ما استشفته “قمر” من خلال حديثها وجدالها مع ابنها أنه لا يرى على وجه الأرض فتاة غيرها، وأنه لو أراد استبدالها بكل نساء الأرض لفعل وما تردد ثانية واحدة في اختيارها.

حينها أيقنت “قمر” أن عليها المحاربة من أجل أن يظفر ابنها بمن أحب بصدق، ولاسيما أن ابنة أخيها بكل صدق تستحق كل كلمة خرجت من فيه ابنها؛ وبعد الكثير من الصعوبات التي اجتازتها “قمر” في إرضاء شقيقها ومسامحة جميع إخوانها على ما فعلوه بحقها مسبقا، قضت الكثير من الشهور ودموعها تجري على خديها من كثرة الآلام التي رأتها من شقيقها، ولكنها لم تتنازل عن تحقيق رغبة ابنها مهما كلفها الأمر.

وضعت على كاهلها الكثير من الشروط والتي لبتها جميعها بلا استثناء لشقيقها من أجل الفوز بابنته لابنها؛ وفي النهاية وبعد صراع دام لعام ونصف العام أصبح ابنها عريسا وفي يده ابنة خاله أجمل عروسة؛ تعالت أصوات الفرح وبات الجميع سعيدا بانتصار “قمر” وإسعاد ابنها.

سعادة لا توصف يعكرها حزن دفين:

وكلما رأت “قمر” السعادة على وجه ابنها “أحمد” سعدت لأجله ولكنها شعرت بنغصة بقلبها على ابنها “علي” والذي أساء الاختيار، وعلى الرغم من كل ما حدث إلا إنه لم يستطع التوقف عن التفكير في شقيقة صديقه والتي لازال يحبها ولا يمكنه نسيانها على الإطلاق وإن لم يذكر شيئا مما في قلبه أمام أحد نهائيا، ولكنها أم، فكيف لها ألا تدرك ما بقلب ابنها الحبيب؟!

حاولت “قمر” كثيرا التخفيف من حدة آلام “علي”، ولكنها لم تستطع فعل ذلك، وكلما مرت الأيام شعرت وكأنها تفقد ابنها بفقدانه للكثير من سماته والتي تميز بها عن الباقيين من إخوته؛ كانت الأم الحقيقية لابنة ابنها “علي”، كانت وابنتيها فاطمة وزينب يقمن بفعل كل ما تحتاج إليه الابنة الصغيرة.

وكأنها ابنة “قمر” التي لم تلدها، اتسمت والدة الطفلة الصغيرة (زوجة علي) باللامبالاة الشديدة والإهمال المتعمد، ضاق صدر “علي” عليها بما رحب، وفي كل مشكلة تحول “قمر” بينهما وتمتص غضب ابنها، وكانت تدرك “قمر” أن زواجهما بات مستحيلا الاستمرار فيه، ولكنها تتجنب الانفصال لهما من أجل ابنتهما الصغيرة.

حاولت أن تجد حلا مع ابنها، لدرجة أنها أخبرته أن رب الشريعة سبحانه وتعالى قد أحل له زواج مثنى وثلاث ورباع، وأن عليه أن يتخذ زوجة ثانية ولكن دون أن يتخلى عن زوجته؛ “علي” أراد أن يريح قلبه من كل المشاكل التي تسببها له زوجته، أحيانا يشعر بأنه يريد البعد عنها والفراق، وأحيانا يشعر وكأنها ابنته الصغيرة التي لا يمكنه التخلي عنها مهما حدث وصدر منها، بات في حيرة من أمره…

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

قصص حب وتضحية بعنوان انطفاء القمر ج1

الثاني: قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج2

الثالث: قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج3

الرابع: قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج4

الخامس: قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج5

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى