قصص حب

قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج4

ولازلنا نستكمل قصة “انطفاء القمر”، القصة التي تحمل في طياتها وبثناياها الكثير من الحب والتضحية.

قصة عن فتاة ندر مثيلاتها بزماننا، فعلى الرغم من كل مآسي الحياة وصعوباتها إلا إنها استطاعت أن تصمد وتستكمل رسالتها بالحياة، وقد كانت رسالة سامية تمكنت من تأديتها على أفضل وجه على الإطلاق.

  انطفـــاء القمر ج4

عندما عادت “قمر” وجدت نفسها وحيدة مع سبعة أبناء وثامنهم كلها أيام معلومات ويصل للدنيا، كانت قد أنفقت معظم المال المدخر في تنفيذ وصية زوجها وإعادته للوطن، ولكنها كانت قادرة على تصريف أمورها دون أن تظهر أي شيء أمام غيرها من الناس.

كان واجب على “قمر” الرحيل من الإمارات فور انتهاء مدة إقامتها، والتي من الأساس تنتهي فور انتهاء العام الدراسي؛ وأثناء تلك الأيام حظيت “قمر” بعرض زواج من رائد، كان يعرف زوجها معرفة طيبة وقد أراد ذلك حفاظا على أبنائه من بعده، ولكن “قمر” أبت ذلك وبشدة، وعندما سئلت عن السبب أجابت: “زوجي لا يمكنني استبداله برجل آخر مهما كان ومهما عظمت مكانته في الحياة الدنيا”.

وهناك بعض المعارف تمكنوا من جلب عمل لها، ولكنها بهذه الطريقة ستضطر تخرج لعملها وتترك صغارها، وافقت على ذلك الحل الاستثنائي واستطاعت بعناء بالغ أن توفق بين عملها الجديد وبين أبنائها والاهتمام بهم وبدراستهم، ولكن كان هنالك شيء واحد يقلقها حيال الأمر الجديد ابنها الأكبر “علي” الذي كان يخرج ويسهر ويبيت الليل خارج المنزل، بل كانت تقضي والدته الملهوفة أياما طوال لا تعرف عنه معلومة واحدة.

هنا عزمت “قمر” النية على الرحيل، ففي حينها كانت الحياة بالإمارات رغدة كثيرا عن مثيلتها بصعيد مصر، وبالبلدة لم يفعل “فؤاد” شيئا لأبنائه والمستقبل إلا إنه قام ببناء منزل حديث الطراز، واشترى قطعتين من الأرض، ولم يفعل سوى ذلك.

وما إن انتهى أبنائها من عامهم الدراسي حتى عادت بهم جميعا لأرض موطنها مصر، وكانت قد أحضرت معها كل ما يخصها بالإمارات، هنا غضب “علي” كثيرا عندما أجبرته والدته على مغادرة مكان انغمس فيه، وكانت ردة فعله عن رحيل والده الحبيب انعكاسيا سلبيا لأبعد الحدود.

عادت “قمر” بأبنائها لمنزلها والذي كان تشييده على أحدث طراز بالنسبة للمكان الذي يعيشون فيه وقتها، كانت تملك “قمر” الكثير من الذهب فادخرته لتقلبات الزمان، وعملت على تصريف أمورها بكل حكمة وذكاء، ولم تضطر للاحتياج لأقرب الأقربين إليها.

وعلى الرغم من قرب والدتها وإخوانها الأربعة منها إلا أن نفسها العزيزة الأبية رفضت أن تأخذ منهم أي شيء لأبنائها ولا لنفسها، وعملت جاهدة على تدبير كل أمورها؛ فأكملت تعليم أبنائها الثمانية فقد رزقت بإبراهيم الابن الجميل الذي أنار بوجوده حياتها بعدما انطفأت برحيل والده عنها.

كانت ترى في كل ابن وابنة من أبنائها شيئا من زوجها “فؤاد”، فمنهم من ورث شيئا من ملامحه، ومنهم من ورث شيئا من طبعه، ومرت عليها الأيام بفرحها وشقائها و”قمر” راسخة على ظهرها رسوخ الجبال، فلم تعد هناك رفاهية السقوط متاحة لها، وبالفعل ضربت بجدارة مثالا يحتذي به كل إنسان في المعنى الحقيقي  للحب والتضحية واللذان تظن ولو ثواني أنهما فصلا لأجلها.

التحق ابنها “علي” بالثانوية العامة، وكون صداقات جديدة واجتهد في دراسته حاله حال إخوانه الآخرين، أما عن “قمر” فكانت لا تحرمهم من شيء على الإطلاق سواء كان باستطاعتها أو حتى فوقها، فكانت تكد على الدوام وتكافح لأجلهم، وكانت بكل صلاة تناجي ربها أن يعينها ويرزقها الصبر والقوة اللازمين لطبيعة حياتها.

تخرج “علي” من الثانوية العامة والتحق بكليته، وهنا لم تدري “قمر” ما الذي تفعله، فالكلية غير الثانوية العامة، لم تجد إلا منفذا وحيدا وهي التضحية بقطعتين من الذهب، وبالفعل أكملت له تعليمه مثله مثل إخوته، وتخرج من جامعته وخرج للحياة العملية، ولكنه صدم بواقع مرير، فمجتمعنا المصري قليل من يعمل فيه بمؤهله الدراسي.

عمل “علي” كل ما أتيح أمامه، وإخوانه البنين في أوقات الإجازة كانوا يعملون ما يجدونه أمامهم أيضا، وعلى الرغم من إصرارهم على ترك التعليم والتفرغ كليا للعمل لإعانة والدتهم إلا إنها أبت وكانت تبكي بصمت خشية أن تضيع مستقبلهم الدراسي في نظير ظروف الحياة الصعبة، ونظرا لكونهم يحبون والدتهم كثيرا أجابوا مطلبها وأكملوا دراستهم وفي الإجازة كانوا يعملون.

الوحيد الذي نال الكثير من الحنان والدلع كان الابن الأكبر “علي”، فقد كان على عكس إخوته الباقيين الذين تجردوا جزئيا من السعادة والدلع والحنان الذي لاقاه في حياة والده، فقد كان الابن المقرب بالنسبة إليه.

لقد كبر الأبناء الثمانية وكبرت معهم مسئوليات “قمر”، كبرن فتيات عمرها الثلاثة واستوى عودهن، وجاءها أول عرض زواج ولكنه كان للابنة الصغرى “عائشة”، ولعائشة هذه قصة مختلفة كان ابن الجيران قد وقع في غرامها، وما عرف عن “قمر” تمسكها الشديد بدينها والتزامها به وتطبيق كل الشرائع على نفسها وأبنائها، وابن الجيران منذ أن وقعت ابنة قمر في قلبه صارح والدتها على الفور وأعلمها بأنه لن يأتي المنزل إلا بعدما ينهي بناء منزله أولا، ووعدها بأنه سيأتيها بعد عام واحد.

سألت “قمر” ابنتها “عائشة” عن رأيها في ابن جيرانهم، فضلت الفتاة الصمت على الحديث والإفاضة برأيها، ابتسمت “قمر” وتذكرت نفسها يوم أن سألها “والدها عن رأيها في “فؤاد”؛ علمت قمر بفطنتها أن ابنتها يميل قلبها لابن الجيران وقد كان شابا محترما عصاميا لا يساعده أب ولا أم، واحترمت قمر فيه صراحته الكاملة ومدى حبه لابنتها إذ سافر العاصمة ليختزل الوقت ويعود بما يمكنه من الزواج من ابنتها.

ولكن تكمن المشكلة في أن عرض الزواج من صديق “علي”، صديقه المقرب وقد أعرب له عن مدى حبه لشقيقته وأتاهم المنزل بوالديه ليطلب يدها؛ كان “علي” يرى في صديقه المقرب زوجا مناسبا صالحا لشقيقته ولن تجد مثيله، وهنا نشبت المشكلة …

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

قصص حب أندلسية روعة قصة الصياد و الفتاة و قصة حب وقت نزول المطر

وأيضا.. قصص حب سودانية احببتك اكثر من روحي كاملة

قصص واقعية سعودية كاملة بعنوان “ويبقى الحب” الجزء الأول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى