غير مصنف

قصـة “ابتعد عن الضوء!” ج4

وأحيانا كثيرة يكون الخوف دافعا قويا للحياة، فليس كل الخوف مذموم فهناك خوف محمود للغاية وهو المحافظة على النفس والخوف عليها مما يضرها أو يؤذها.

ولازلنا نستكمل قصتنا (ابتعد عن الضوء) بكل أحداثها المريبة والمخيفة بعض الشيء، لك عزيزنا القارئ أن تتخيل نفسك مكان صاحب القصة نفسه وتسأل نفسك ماذا كنت بفاعل حينها؟!

قصــــة “ابتعد عن الضوء!” ج4

فقاطعه صاحبنا باستغراب وتعجب شديدين: “وكيف يعقل هذا؟!، من المفترض أن الأماكن التي بها ضوء هي الأماكن الأكثر أمانا”.

فأجابه ريك قائلا: “هؤلاء المجرمين يدخلون المنازل التي بها ضوء، فيقتلون من بها، ويسرقون كل الأشياء بها؛ علينا الآن الإسراع والخروج من المدينة التي نحن بها لأن الوضع بها خطير للغاية، وبين أي لحظة والأخرى من الممكن أن يأتي المجرمون إلينا للقتل أو السرقة”.

وبالفعل أخذوا الأكل الذي معهم وبدأوا في الحركة ببطء شديد حتى لا يلفتوا الأنظار إليهم، وساروا في الطريق بخطة ممنهجة، فكان صاحبنا وكارلوس يسيران في المقدمة أما ريك وإيلينا فيسيران في المؤخرة، وبعد السير لمدة لا تقل عن النصف ساعة وصلوا لسيارة والسعيد في الأمر أنها بداخلها المفتاح الخاص بتشغيلها غير أن الوقود الذي بها لا يكفي للسير لمسافات بعيدة.

لم يجدوا صعوبة في الوضع ولا في التعامل معه، صعدوا جميعهم للسيارة وقد قرروا أنهم بأول محطة للوقود ينزلون بها ويعبئون السيارة ويكملون رحلة مسيرتهم للنجاة بأرواحهم الغالية، كتب صاحبنا منشورا عن أنهم صاروا يثقون به إلا عندما يخرج هاتفه ليكتب شيئا عليه، فإنهم حينها يرمقونه بنظرات مريبة بعض الشيء، ولكنه ذكر أنها لا تعد مشكلة بالنسبة إليه، فما هي إلا مسألة وقت ليس أكثر ويعتادون على وضعه.

وبعد مسافة بالسيارة تتجاوز النصف ساعة وصلوا لمكان يدعى “أوكالا”، وأول ما جذب انتباههم كانت محطة وقود وعلى الفور ترجلوا من السيارة ثلاثتهم لتعبئة السيارة كاملا بالوقود من أجل استمرار رحلة نجاتهم دون توقف.

صاحبنا و”كارلوس” بمحطة الوقود يعبئان السيارة، أما “ريك” و”إيلينا” فذهبا سويا للماركت القريب من محطة الوقود للحصول على بعض المؤن اللازمة للرحلة، ولكننا بعد دقائق معدودات من ذهابهما سمعنا صوت “إيلنا” تصرخ وتستغيث بشدة، هرعنا إليها لننجدها ونعلم ما الذي حدث معهما وما الذي أصابهما!

وما إن وصلنا للماركت وجدنا أمامنا “ريك” فسألناه عن “إيلينا” وعن سبب صراخها، فأجابنا بأنه لا يدري ما السبب، فبداية دخولهما الماركت أرادت أن تدخل الحمام ومن بعدها سمع صوت صرخاتها، فذهبوا ثلاثتهم للماركت لنجدة “إيلينا”، ولكنهم عندما وصلوا هناك وجدوا الوضع غير مطمئن كليا، مرايا الحمامات جميعها انكسر والنافذات غير موجودة، ومن شدة صعوبة الأمر أرضية الحمام نفسها قد اقتلعت!

أما المصيبة الأكبر “إيلينا” ليست موجودة بالحمامات!، على الفور أسرعنا تجاه الباب الخلفي للماركت إذ أننا دخلنا من الأمامي ولم نلمح منهم أحد، وما توقعانه وجدناه بالفعل إذ رأينا “إيلينا” بين يدي شخص غريب وقد ضربها على رأسها والدماء تغطي وجهها بالكامل ويريد ذلك الشخص أن ينزع عنها ثيابها، ومن شدة غضب “ريك” على حبيبته انتزع السلاح من “كارلوس” وأطلق رصاصة أودت بحياة ذلك الغريب في الحال!

ولكن ما أرعبنا جميعا أن هذا الغريب تلفظ ببضعة كلمات أثناء موته… “جميعكم أموات”!

لم آخذ كلماته على محمل الجد إذ أنني أيقنت بأنه متناول للمخدرات، ساند “ريك” حبيبته “إيلينا” وصرنا للسيارة لنكمل المسير، ولكنه حدث آخر شيء من الممكن أن نتوقعه لقد جاءت الكهرباء للمدينة التي كنا بها بأسرها!، وهذا آخر شيء كنا نتمناه على الإطلاق.

لقد رأيت بعيني مواقف لم يتقبلها عقلي ولن يتقبلها حتى الآن، هناك أشخاص كانوا يقتلون كل من يصادف بطريقهم، وهناك مجرمين كانوا يقتلون شركائهم من أجل الاختلاف وربما من أجل التسابق على أحد المنازل لسرقتها؛ كان من المستحيل أن نصل للسيارة ونكمل بها ولاسيما كثر الغرباء والخارجين عن القانون أمامنا.

فلم يكن حينها أمامنا إلا حل واحد الاختباء ريثما ينقطع التيار الكهربائي عن هذه المدينة من جديد، وبالفعل سرنا بهدوء تام وبحذر شديد حتى وصلنا لمستودع بعيد نسبيا عما يحدث، وما إن استقرينا بالمستودع كنا نتحدث لبعضنا البعض بأصوات خافتة خشية أن يكشف مكاننا لأحدهم.

استقر “ريك” بجانب “إيلينا”، وأما عني فقد استقريت بجانب “كارلوس” وكنا نتحدث فيما يحدث من حولنا من أمور غربية وعجيبة ومريبة لأبعد الحدود؛ وفجأة شعرت بالجوع الشديد فاقتربت من الحقيبة لآخذ منها شيئا وآكله، وفجأة ودون سابق إنذار سقط من جيبي السلاح أرضا!

كنت في البداية أول ما طرقت عليهم الباب لأنضم إليهم أخبرتهم بأنني لا أملك سلاحا فاطمئنوا لي واستجابوا لمطلبي وضموني إليهم، في الحقيقة لم أكن لأمتلك سلاحا يوما طوال حياتي، ولكن تذكرون حينما تعرضت للهجوم بالماركت فاضطررت لأخذ السلاح وإطلاق النيران منه مدافعا عن نفسي، حينها وضعته بجيبي تحسبا وخوفا من أي شيء ممكن أن يحدث بسبب سوء الأوضاع من حولي.

وجدت علامات الدهشة والشك في آن واحد رسمت على وجوههم هم الثلاثة، وقف “ريك” من مكانه قائلا: “ألم تكن لا تملك أي سلاح؟!”

ودون أي سابق إنذار أشهر “ريك” السلاح في وجهي قائلا: “أتعلم لقد شككت بك من البداية، فعلى الدوام كنت تخرج هاتفك من جيبك وتقوم بكتابة أشياء لم نكن لنعلم عنها شيء”.

وما إن أراد أن يضغط على السلاح أوقفه كارلوس قائلا: “انتظر لنسمع دفاعه عن نفسه، إنه شخص طيب ولا يمكنه أن يؤذينا، أتنكر أنه ساعدنا أكثر من مرة منذ أن التقينا به؟”

فقال “ريك” بعصبية: “إنك لست بصديقنا من الأساس، ألم نتعرف عليك منذ يومين فإنا لا نثق بك أنت أيضا”!!

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

قصص رعب ريبر بعنوان “ابتعد عن الضوء!” ج1

والجزء الثاني: قصــــة “ابتعد عن الضوء!” ج2

والجزء الثالث: قصــــــــــة “ابتعد عن الضوء!” ج3

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى