قصص نجاح

سلسلة الدولة العثمانية الجزء الثامن نشأة وإعداد محمد الثاني شكل الدولة التي استلمها

سلسلة الدولة العثمانية الجزء الثامن

لنا موعد في هذا المقال مع شخصية من أروع شخصيات التاريخ الإسلامي ألا وهي السلطان محمد الفاتح وفترة حكمه ولكي نتحدث عن السلطان محمد فلابد أن تتذكر قول نبينا الكريم( لتفتحن القسطنطينية فلنعم الامير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش )فهو معه شهادة من نبينا الكريم بحسن خلقه وروعة نشأته ومن أجل الإنصاف فيجب أن نشكر السلطان مراد الثاني على حسن تربيته لمحمد الفاتح. ولكن كيف تم ذلك وكيف كانت نشأته ؟؟

السلطان محمد الفاتح .
السلطان محمد الفاتح .

شخصيات مهمة مرت في حياة محمد الفاتح

1- مراد الثاني أبوه الذي كان بجانبه دائما علمه فنون الإدارة والحكم فقد تولى معه الحكم خمس سنوات كاملة كان بجانبه دائما في جميع قراراته.

2-هما خاتون والدته من أصول ألبانية والتي توفت وهو في سن السابعة عشر.

3-الكوراني عالم موسوعة في علم الفقه والشعر .

4-المولى خسرو فقيه وقاضي وهو من زرع في عقل محمد فكرة فتح القسطنطينية

فتلك الشخصية لم تكن شخصية عادية فقد كان لتربيته منهجاً كبيراً ومراحل متعددة مر بها لكي يخرج لنا  بتلك الهيئة .

1- القرآن الكريم :- فقد كان حافظاً لكتاب الله قبل أن يتم ١٠ سنوات .

٢- العلوم الشرعية:-  درس فقة وسنة وعلم قرآن فقد كان دارسا محبا للإسلام فكانت خطبه دائما. موزونة شرعا لا خلاف عليها فكان صدق نيته ينعكس عليه وجميع تصرفاته توافق السنة .

3- علوم حياتية :-  فقد درس جغرافيا و تاريخ و رياضيات و فلك و درس الشعر وله قصائد بحس رقيق .

4- مهارات بدنية لم يعتمد فقط على طلب العلم ولكنه اهتم بإعداد بنيته إعداداً سليماً من فنون قتال ورماية ورياضة.

5- مهارات إدارية وقيادية ومهارات فكرية  :- فقد كان مبدع في المحاورة و المناظرة والتفاوض  .

6- الترفية:-  كان مبدع في تصفيف الازهار وصناعة الاقواس وصناعة الأحجار الكريمة.

7-  اللغات :-  فقد كان يجيد التركي العربي الفارسي اللاتيني كأهلهم  .

فكل هذا التجهيز أعد لنا شخصية بهيئة محمد الفاتح وعظمته ولكن ليست العلوم و الدراسة هي فقط ماتشكل حياتنا فإن مايمر به الإنسان من صدمات في حياته يساعده في تكوين شخصيته ومن تلك الصدمات التي مر بها هي وفاة أول أخ له عام ١٤٣٧م وهو ما زال ٥ سنوات وعندما وصل إلى سن الحادي عشر مات أخوه الثاني عام ١٤٤٣م قد يبدو من بعيد إنها صدمات. لكن الله سبحانه وتعالى يهئ لمحمد الفاتح الظروف حتى يصبح هو ولي العهد وفي عام ١٤٤٩م توفت أمه وهو في سن السابعة عشر من عمره ولحقها والده عام ١٤٥١م وكان عمره وقتها تسعة عشر عاما وبذلك أصبح محمد وحيدا لم يبق له سوى أخوه الطفل ذو العامين من والده ولكنه توفى بعد شهرين من تولي محمد الفاتح الحكم وذلك الطفل الذي اتهموه بقتله حتى لا يشاركه الحكم ولا يوجد أي سند علمي أو عقلي يؤكد هذا فكيف لسلطان يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً ان يخاف من طفل عمره سنتين أن يشاركه الحكم فكل هذة اكاذيب و افتراءات عليه لا يصدقها عقل وكان اعتمادهم في هذا الافتراء على قانون كان اصدره محمد الثاني بعد فترة من حكمه أتاح فيه قتل الأخ حسب الشريعة ولكن كان هذا القانون  يقتصر فقط على من يخون وينشق بالدولة ويعلن إنقلابه عليها وهذا يعد خيانة عظمى ووفقاً للشرع يجوز قتله بسبب خيانته حتى لو كان الأخ فقد كان مقتصرا على الخيانة فقط وليس من أجل تولي الحكم

وقبل الكلام عن فترة حكمه يجب أن نعرف كيف استلم محمد الفاتح الدولة العثمانية وماهو ميراثه من والده

استلم الدولة بمميزات وعيوب استلمها بجبهات نضال وجبهات هادئة ففي بداية الحكم كانت الرؤيا واضحة جدا له وكل المشكلات والاعداء في وضوح تام له فأول مشاكله هو الإنقسام في الدولة فهو يحكم الآن منطقتين منطقة البلقان الجانب الأوروبي الذي يتكلم عدة لغات وسكانه كلهم نصارى ومنطقة الأناضول الجانب الأسيوي الذي يتحدث التركية وسكانه كلهم مسلمين وبين هاتين المنطقتين كانت توجد القسطنطينية الحاجز السياسي الذي إذا فُتح ربط المنطقتين واصبحت دولة كبيرة ولكن كيف له أن يفعل هذا وهو محاط باثنى عشر عدو أهمهم قسطنطين الحادي عشر إمبراطور بيزنطة و المقصود بها. القسطنطينية والثاني ديمتريوس إمبراطور اليونان و  الثالث إسكندر بك إمبراطور ألبانيا فذلك الرجل كان نصراني ثم أسلم ودخل معركة هزم فيها بجيشه فعاد ألبانيا ومعه ٣٠٠ جندي وأعلن انفصال ألبانيا عن الدولة العثمانية واعلم تنصره من جديد وجون الرابع في طرابزون والمفاجأة الكبرى هي إبراهيم بك في ولاية قرمان التركية فذلك الرجل يعد حمى. محمد الثاني فقد زوج مراد الثاني ابنه محمد من ابنة ذلك الرجل زواجا سياسيا حتى يأمن غدرهم و انقلابهم المستمر عليه ومع ذلك فور وفاة السلطان مراد الثاني أنقلب عليه إبراهيم بك غضباً منه من توليه الحكم فكيف لشاب عمره ١٩ عاما أن يكون والي عليه وهو في عمر ال ٦٠ بالإضافة إلى أُمراء البلقان وفرسان يوحنا أخوة قسطنطين الحادي عشر.

أما أخر مشكلة واجهته فهي مشكلة ولاية صربيا تلك الولاية التابعة للدولة العثمانية وخسرها بايزيد الصاعقة وردها ابنه محمد الاول ثم خسرها محمد الثاني بعد حروب طويلة انتهت بمعاهدة سيجدين تلك المعاهدة التي تنص على جعل صربيا ولاية فاصلة بين الدولة العثمانية وبين المجر ولكن هذة المعاهدة كانت سلاح ذو حدين فهو من ناحية يؤمن الدولة العثمانية من هجمات المجر المتكررة ومن ناحية أُخرى فهي ولاية بيزنطية في شمال الدولة العثمانية وموقفها غير مؤمن هذا بالاضافة الى الولايات العثمانية التي تدار من والي بيزنطي وهو حاكم الدولة مقابل جزية يدفعها للدولة وعدم اتخاذ اي قرار سياسي بدون علمها فهؤلاء ايضا لم يكونوا موضع ثقة.

وبهذة الهيئة استلم محمد الفاتح الدولة العثمانية ولكن لم تكن كلها مشاكل فقد كان هناك ميراث جيد ومزايا كثيرة مثل الجيش القوي الذي تركه له والده والرضا الشعبي من الدولة إضافة الى جبهات هادئة مثل المجر فهي تعتبر مؤمنة من قبل صربيا والهرسك وراجوزا إضافة الى حركة عُمران ضخمة بالبلاد فكان مراد الثاني يؤمن بأن الدولة ليست جيشاُ فقط بل لابد من عمران جيد وأهم وأخر ميزة والتي تعتبر عيباً في نفس الوقت هي رضوخ الدولة البيزنطية اي القسطنطينية فما الذي يجعلها تهدأ كل هذا الوقت.

فنجد أن السر يرجع الى واحد من ابناء الدولة العثمانية يدعى إورخان إإنقلب في يوم من الأيام على مراد الثاني وذهب إلى  القسطنطينية ليأخذ انتفاع من الإمبراطور فاستغله الإمبراطور كورقة ضغط على مراد الثاني إذا هو لم يدفع له الجزية كل عام سوف يخرج له أورخان ويدعمه ويجمع حوله مؤيدينه من الإمارات التركية وتقوم الحرب فعقد السلطان مراد الثاني إتفاقية معه بأن يبقى أورخان عنده مقابل الجزية بشرط أنه لا يكون هناك هجوم من العثمانيين على القسطنطينية ولا هجوم من القسطنطينية على العثمانيين فكانت تلك المعاهدة ميزة في رضوخهم ولكنها عقبة ضد رغبة محمد الفاتح في فتح القسطنطينية ومن شيم العثمانيين عدم نقض المعاهدات فكان ينتظر الفرصة التي تظهر أمامه وعلى هذا الشكل استلم محمد الثاني دولته ولنا موعد في المقال القادم عن الفرصة التي ظهرت لهوكيف استغلها  و تهيأت له الظروف .

وللحديث بقية …….

ابتسام احمد

سلسلة الخلافة العثمانية الجزء الأول حال الأناضول قبل نشأة الدولة العثمانية

سلسلة الخلافة العثمانية الجزء الثاني بداية الحكم في الأناضول

سلسلة الدولة العثمانية الجزء الثالث التمدد في منطقة الاناضول

سلسلة الدولة العثمانية الجزء الرابع دولة مراد الأول

سلسلة الدولة العثمانية الجزء الخامس دولة بايزيد الصاعقة بين القوة والإنهيار

سلسلة الدولة العثمانية الجزء السادس دولة محمد الأول وولي عهده مراد الثاني

سلسلة الدولة العثمانية الجزء السابع نهاية عهد مراد الثاني واحداث موقعة فارنا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى