رواياتقطرة مطر

رواية قطرة مطر الجزء الأخير للمؤلفة مني لطفي

رواية قطرة مطر الجزء الأخير للمؤلفة مني لطفي

جلست تنظر الى الوجوه المحيطة بها وهي تشعر بنفسها وقد انعزلت تماما عنهم، فهي تراهم وهم يضحكون ويرقصون ويهللون دون أن تسمع أصواتهم، تشعر وكأنها قد انفصلت تماما عنهم، وكأن الذي يجري من حولها أنما يخص أنثى أخرى غيرها، وكأنها ليست هي.. العروس المعنية بالأمر!!!!!!…

سبعة أيام مرّت منذ تلك الليلة الليلاء والتي كانت الحد الفصل لكثير من الأمور في حياتها، أولها هو!!.. ثم تدخله في حياتها بمباركة أهلها ودون أن يكون لها الحق في الاعتراض أو الرفض!!!..

انتبهت إلى دخول زوج والدتها الى غرفة استقبال الضيوف بمنزلهم حيث احتشدن النساء ومعظمهم من الجيران الطيبين للاحتفال بالعروس، وكان يحمل بين يديه الكتاب الخاص بعقد القرآن ليمده إليها وهو يقول لها بكل حنان الأبوة:

– توقيعك بنيّتي…

بيد مرتجفة حاولت التحكم برعشتها أمسكت بالقلم الذي ناولها إياه لتضع اسمها في خانة الزوجة عندما خطف بصرها اسمه المذيل بتوقيعه الـ.. ملوكي!!!.. نعم، فخطّه يشي بملك متوّج اعتاد أن يأمر فيُطاع!!

أجفلت على صوت زغرودة عالية ما إن انتهت من وضع توقيعها، ليميل عليها والدها الروحي، مقبلا رأسها، في حين تلقفتها أمها بين ذراعيها تحتضنها بقوة وحنان، تبارك لها وتهنئها وسط دموع فرحها برؤية صغيرتها وقد أضحت عروسا غاية في الحسن، همست لها في أذنها بحب وحنان:

– هنيئا لك بزوجك طفلتي، فالآن فقط قد اطمئن قلبي، فأنا واثقة من أنك ستسعدي معه بأمر الله، يكفي نظرته لك وكأنه لا يرى غيرك ولو كان حولكما ألوف البشر، ألم أقل سابقا سيعوضك الله؟ وها هو عوض الله قد جاء.. فحافظي عليه!

———————–

كانت آخر كلمات أمها ما تردد في ذهنها طوال الحفل، حيث صمم معاذ على الاحتفال بزفافهما في أكبر فنادق البلد، ضحكت، رقصت، تلقت التهاني بابتسامة عروس سعيدة، كل ذلك وعقلها لا ينفك يتساءل.. “هل أمها على حق، وهل يحبها فعلا؟”..

لم تكن والدة مطر فقط السعيدة بذلك الزواج، فأمه فرحتها لامست عنان السماء، وكان أول ما همست به لمطر ما إن رأتها أنها لا تكاد تصدق أن ابنها سيتزوج أخيرا، ولكنه بالفعل “صبر.. فنال”!.. الجميع يتحدث على أن كليهما جائزة السماء للآخر.. ولكن.. ترى هل ستستطيع هي إسعاده كما يؤكد الكل لها أن معاذ سيفعل؟”…

انتبهت من أفكارها على لمسة ذراع معاذ المتملك لخصرها، لتفاجئ بوقوف خالد أمامها تجاوره زوجته، والتي كانت تبتسم بتكلّف لها، ولكن نظرة عينيها تشي بفرحتها أن غريمتها قد ابتعدت تماما عن طريقها، بينما وقف خالد يطالعها بنظرة خاوية، لم تخلو من حسرة وندم واضحين للأعمى، فما بالك بعاشق غيور متملك كـ “معاذ”؟

هنئتها زوجة خالد بالزفاف، واكتفى معاذ بهزة رأس بسيطة لها مع ابتسامة صغيرة، وما إن هم خالد بمصافحة مطر، حتى كان معاذ من يتلقى يده، شادّأ عليها، وهو يقول بابتسامة متكلفة وببرود:

– بارك الله فيك ..

وسكت، دون أن يزيد حرفا واحدا، قبل أن يتمتم بكلمات اعتذار بسيطة، ليبتعد بعروسه بعيدا عن هذا الوغد والذي لو ترك نفسه لهواها، لحطم أسنانه البشعة مزيلا ابتسامته الغبية تلك!!!

في إشارة بسيطة لمنظم الحفل، كان قد اتفق معه عليها، صدحت موسيقى هادئة، افتتح على إثرها معاذ وعروسه بوفيه الطعام، وما هو إلا زمن بسيط، وكان يقف بجوار عروسه يلوحان للحضور إيذانا بانتهاء الزفاف، والذي تكاد مطر تقسم أنه قد اختزل فقرات كثيرة في الحفل، فهي قد اطلعت على البرنامج كاملا، وأكثر من نصفه قد تم حذفه!!!

*****************

دلفا خارج المصعد المؤدي إلى الطابق حيث الجناح الملكي الذي استأجره معاذ، والذي ما إن وصلا إليه حتى كان يفتحه بالبطاقة الممغنطة، وقبل أن تدلف مطر إلى الداخل كان يباغتها بحملها بين ذراعيه، لتطلق شهقة خفيفة، بينما دلف هو الى الداخل وقد أغلق الباب بقدمه..

انتظرت أن يضعها أرضا ولكنه سار بها قاطعا بهو الجناح، حتى صولا الى غرفة النوم الرئيسية، لينزلها في المنتصف، ولم يترك لها الفرصة للابتعاد، فقد سارع لإحاطة خصرها بذراعيه، بينما رفعت هي يديها تلقائيا محاولة دفعه بعيدا، لتلمس راحتيها صدره، بينما عينيها لم تستطع رفعهما إليه..

مال بوجهه حتى لامست شفتاه جبينها مقبلا وهمس بعدها:

– مبروك..

لم تستطع مطر الكلام، بل إنها تكاد تبكي، ترى.. ما الذي صنعته بنفسي؟ لم وافقت على جنونه هذا؟ ألكي أهرب من خالد؟ أم لأضع لنفسي حدّاً فلا تجنح بفكرها في حبيب خائن وزوج لأخرى.. خائن أيضا؟!!

لا تزال تذكر اجابته على سؤالها عن سر رغبته بالزواج منها، إذ ابتسم بغموض قائلا:

– دعينا نقول الآن أنني أراك زوجة مناسبة لي، بل أكثر من مناسبة في الواقع!

وبالطبع لم تعجبها إجابته، لتقطب في صدمة من جوابه، وتقول بسخط:

– مناسبة؟!! هل تراني سترة أو حلة رسمية أمامك تقوم بانتقائها فتعجبك ذوقها وأنها.. تناسبك؟!!

لتصدح ضحكة معاذ عاليا قبل أن يدنو منها هامسا أمام وجهها بينما عينيه فتبثان رسائل لم تفهمها وإن كان قلبها.. قد خفق لها:

– ما أخبرتك به هو ما أستطيع قوله “حاليا”، ولكن هذا لا يمنع أن هناك سبب آخر.. ولكن لا أستطيع إخبارك به.. قبل أن أمتلك “الرخصة الشرعية لذلك”!

قطبت مفكرة، بينما تابع هو بابتسامة غريبة:

– عامة لا تتعبي نفسك بالتفكير، أيام قليلة وستعلمي جواب أسئلتك التي أنا موقن أنها تدور بذهنك الآن، ليس هذا فحسب، بل سأقوم بإيضاح الأمر لك مفصّلاً.. تفصيلة تفصيلة!!

قطبت في ريبة، لا تعلم لما طرأ على ذهنها عبارة “حذفورة.. حذفورة” وهي تسمع كلماته الآن!!!

كان قد ابتعد عنها دون أن تشعر ليقف قبل أن يدلف خارج غرفة استقبال الضيوف بمنزل زوج أمها، يطالعها قائلا ببساطة:

– عدم اعتراضك على زواجي بك بالنسبة لي هو موافقة، إذن فالأمر محسوم!

توسعت عيناها صدمة.. “من محسوم هذا؟ ماذا يقول هذا الإنسان؟”… لم تكد تفيق من صدمتها في عبارته الأولى، ليلحقها بالثانية وبصوت هادئ واثق، وبكل بساطة:

– وبما أن الأمر نهائي لا رجعة فيه، فلقد اتفقت مع السيد رياض أنك ما إن توافقي، فسنتزوج دون إبطاء، ولهذا أرى أن فترة أسبوع أكثر من كافية، حتى أقوم بترتيب حفل زفاف يليق بـ..

وفي الثالثة كان يصدمها بما جعل دقات قلبها تتسارع قفزا، ووجهها ينافس ثمرة الفراولة الشهية في لونها وهو يردف بصوت رجولي دافئ:

– مطري.. مطر معاذ الذي طال انتظاري له.. ليروي صحراء حياتي القاحلة!!!

ومن يومها لم تره سوى اليوم، وقد تعلل طوال الأيام السابقة بأنه ينهي كثير من الأمور العالقة كي يتفرغ لها… هي.. عروسه!!!

انتبهت من شرودها على صوته الهامس لها بينما تعمل يديه على فك طرحة زفافها:

– ممنوع أن تبتعدي عني ولو بفكرك!!

ارتبكت مطر وهي تشعر به يزيح طرحة زفافها جانبا، وحاولت الابتعاد عن مرمى يديه، ولكنه لم يمنحها الفرصة، إذ سريعا كانت أصابعه تزيل مشابك شعرها، لتتساقط خصلاته منهمرة كالشلال، فيدفع بأنامله السمراء بين طيّاتها، متلمسا نعومتها، وفي حين كانت هي تتمتم باعتراض واه كان هو يدنو بوجهه منها، يدفن أنفه وسط خصلاتها الخمرية هامسا بصوت أجش:

– لو تعلمين كم تمنيت أن ألمس تلك الخصلات التي أصابتني بالجنون ما إن رأيتها تفترش معطفك الشتوي أول مرة..

ليدفع برأسه أسفل عنقها متابعا بصوت جعل الحرارة تسري سريعا في أوردتها:

– كم تلهفت كي أنهل من رائحته التي اختطفتني ما إن شممتها أول مرة؟

رفع رأسه، ناظرا إلى وجهها، الذي كانت تخفضه إلى الأسفل، وبدفعة صغيرة من ابهامه لذقنها كان يرفعه إليه، ويميل عليها هامسا بصوت شجي، بينما نظراته فتثير أنوثتها بشدة:

– وكم رغبت أن أفعل هذا..

لم يمهلها لحظة تفكير، ليخفض رأسه مقبلا شق ذقنها العميق، قبل أن ترتفع شفتاه بقبلات خفيفة على وجنتها فجانب فمها فـ.. شفتيها، ليبتلع شهقة المفاجأة منها، مقتحما عذرية شفتيها، يهديها قبلتها الأولى.. بدفء منقطع النظير!

كانت تستند عليه بيديها ما إن ابتعد عنها عندما استشعر حاجة كليهما للهواء، في حين طوق خصرها بذراعيه، يدفعها إلى أحضانه، لتهمس هي بصوت واهن ضعيف، من فرط أتون المشاعر الصاخبة الذي ألقى بها في منتصفه، محاولة الفكاك من يديه دون طائل:

– معاذ.. أرجوك!

ولكن معاذ كان كمن عاش طويلا دون قطرة ماء واحدة، لينهمر المطر عليه، فطفق ينهل منه، ليرتوي.. ويروي أيامه القاحلة.. ولم يكن ليدع مطره يبتعد عنه ولو لثانية!

همس معاذ وهو يشبك أنامل يديهما سوية:

– ماذا يا مطر معاذ؟ اطلبي أي شيء إلا أن.. أبتعد! أقسم لك أنني لن أستطيع ولو حاولت! فهل تبتعد الأرض عن مطرها لتعود لجفافها طواعية؟

مطر بابتسامة صغيرة ولم تستطع إلا التعليق بمرح خجل خفيف:

– ولكن إن زاد المطر عن حده.. إنقلب الأمر لضده! فأصبح فيضانا يغرق الأرض لا يرويها فحسب!

فلم يكن من معاذ إلا أن ضمها بقوة يريد إدخالها بين ثنايا ضلوعه هاتفا بصوت ظهر فيه عشقه القوي:

– وأرضك لن تعترض.. فأهلا بالموت غرقاً.. فيكِ مطري!!!!!

وكانت هذه آخر كلمات تسمعها منه قبل أن يجرفها سيل حبه العرم، حتى أغرقها تماما!!!!!!!!!!!!!!!

——————-

استيقظت على همس خفيف يداعب أذنيها، ورفرفات كرفرفات فراشة ناعمة تحط على وجنتيها وعينيها، التي شرعت أهدابها ببطء لترى ابتسامة واسعة وتسمع همسته الذائبة:

– صباح الورد مطري.

مطر بخجل:

– صباح النور..

معاذ رغبة منه بأن يخفف عنها خجلها قليلا:

– وفقط؟

رفعت عينيها في تساؤل صامت ليوضح:

– صباح النور ماذا؟ أين التكملة؟ هل هذه تحية صباح عروس مصرية أصيلة؟

ضحكة رقيقة أفلتت منها، همت بالكلام ليرفع سبابته أمام فمها قائلا بتحذير مصطنع:

– حذاري أن تكون “العياذ بالله”.. وإلا العقاب سيكون مضاعف.. عروسي العتيدة!

ضحكت بخفة لتلمع عيناه برغبة قوية، ويهمس بخشونة وهو يرفعها قليلا يضمها بقوة إلى صدره:

– عامة، لا عليك، فأنا لم أتم الصباح عليك لنهايته!..

ودون أن يترك لها مجالا للكلام، كان يلقي على مسامعها تحية الصباح، حرفاً حرفاً.. وكلمة كلمة!

بعد مدة طويلة، كانت تستلقي بجواره، رأسها تتوسد صدره الأسمر العار، وذراعه اليمنى تطوق خصرها، بينما يهمس لها بسخرية محببة:

– هل علمت كيف يكون صباح العرسان يا عروسي؟

رفعت مطر رأسها تطالعه بعسليتيها قبل أن تهمس مشاغبة بابتسامة خطفت أنفاسه:

– اممم.. هذا هي إذن “صباح الخير” للعريس المصري الأصيل؟

اكتفى بإيماءة برأسه للأسفل في فخر، لتردف هي بشقاوة:

– بك الخير والله، ومنكم نستفيد!!

نظر إليها بنصف عين قبل أن يعتدل مشرفا عليها قائلا بصرامة زائفة:

– لم أشعر أن هناك سخرية متوارية في كلماتك زوجتي المصون؟

مطر بضحكة مشاغبة وابتسامة شقية:

– هي ليست متوارية بل واضحة، وهو ليس شعور.. بل هو الواقع.. سعادتك!!!

سريعا كان معاذ يدغدغها قائلا بتهديد زائف فيما انطلقت ضحكاتها عاليا:

– واقع.. اممم؟ حسنا لقد أوقعك لسانك في شر أعمالك.. تلقّي وعدك!

وبين دغدغة وضحكات، كانت الهمسات واللمسات، لتسيطر الأفعال وتصبح الكلمات.. من المحرمات!!!!!!!!!

*******************

لا تستطيع التصديق أنه قد مر على زواجهما أسبوع، كان قد طار بها لقضاء أجازة “شهر العسل”.. في إحدى جزر المالديف، وكان زوجها العتيد قد أصدر أوامره لعائلتيهما، أنه ومنذ انصرافهما في حفل الزفاف، ممنوع الاقتراب منهما وحتى إشعار آخر! فهو يريد الانفراد بعروسه ولهذا فهو فعليا قد هرب بها فلم يعلم أحد من ذويهم أن السفر بعد الزفاف بيوم كامل، فقد ظن الجميع أنه صبيحة اليوم التالي للزفاف، وأغلق معاذ جميع الهواتف مكتفيا برسالة يطمئن بها كلّا من والدتها وأمه والتي عادت مع خالته الى مرسى مطروح تاركة العروسين حتى لا تسبب أي حرج لهما خاصة عروس ولدها فيكفي أن الأخير قد اكتسحها تماما حتى يضمن انتمائها له، وباعترافه ذاته وقت أن أرادت أن تطمئن على ابنها وسبب سرعته الفائقة في اتمام الزواج، لتعلم أن ابنها قد “وقع” دون أن يسمي عليه أحد!!

كان معاذ قد أخبرها بما مر به في حياته، ومع كل كلمة تسمعها منه كانت تجد نفسها تسقط أقوى وأقوى في هوى زوجها، ذلك الانسان الحازم، الجاد، العصامي، البار بوالدته، من كانت تظن قلبه ينافس الصخر في جموده وبرودته، لتكتشف أنه ينافس قلب طفل صغير، فقط هو من كان يخفيه داخل شرنقة من البرود والقسوة، وأبرز دليل هو عفوه على مصطفى الموظف المختلس، مكتفيا بنقله إلى مكان بعيد عن معاملات مالية تخص المؤسسة، ولكن لم يمنعه ذلك من حسم جزء من راتبه كي يسدد المبلغ الذي اختلسه، بعد أن خفضه معاذ الى النصف، وعندما سألته عن السبب ولما لم يسامحه في المبلغ كله، أخبرها برفق كي لا يكرر فعلته ثانية، فالنفس ضعيفة، وقد يمر بأزمة أخرى فينسى ما قد كان ويقع في ذات الخطأ ثانية، وهو ليس بغلط عادي، بل هو.. جريمة يعاقب عليها القانون، وقد لا ينصفه حظه المرة القادمة، فليس “كل مرة تسلم الجرّة” كما يقولون!

انتبهت على همسه لها في أذنها، يسألها إلى أين ذهبت وفيما تفكر، لتلتفت إليه تريح يديها على كتفيه تقول بنظرة عشق خالص:

– لن أذهب إلى أي مكان لا يحمل أنفاسك، وأبدا لا يوجد من يشغل فكري غيرك أنت.. معاذي!!!!

طالعها بنظرات متسائلة وقلبه يقرع داخل صدره، لأول مرة تكون جريئة في وصف مشاعرها، لتزيد من ذهوله متممة اعترافها وهي ترفع نفسها تحيط عنقه بذراعيها:

– أحبك.. معاذي!!!!!

أحاطها بذراعيه رافعا يده اليسرى لتنغمس أصابعها في خصلات شعرها الخمري، بينما يميل بوجهه مسلطا دخانيتيه على وجهها الفتي:

– أنت عشق معاذك.. مطري العذب الرائق!!

ليخطفها في عناق عميق، سحب أنفاسها، قبل أن يحررها لتستعيد أنفاسها الهاربة، بينما رزع ماستيه السوداء داخل لوزتيها هامسا بأبيات شعرية حفظها لأجلها ما إن سمعها، خاصة وقد علم بحبها للمطر ولقصائد هذا الشاعر:

– يا حبيبة المطر.. كالمجنون أخرج إلى الشرفة لأستقبله..

وكالمجنون أتركه يبلل وجهي وثيابي ويحولني إلى إسفنجة بحرية..

المطر يعني عودة الضباب، والقراميد المبللة والمواعيد المبللة..

يعني عودتك وعودة الشّعر

أيلول يعني عودة أيدينا إلى الالتصاق فطوال أشهر الصيف كانت يدك مسافرة..

أيلول يعني عودة فمك (ويتلمس بطرف ابهامه شفتيها مركزا نظراته على ثغرها لتسبل مطر أهدابها خجلا)

وشعرك ومعاطفك، قفازاتك وعطرك الهندي الذي يخترقني كالسيف..

المطر يتساقط كأغنية متوحشة، ومطرك يتساقط في داخلي كقرع الطبول الإفريقية….

يتساقط كسهام الهنود الحُمر..

حبي لك على صوت المطر يأخذ شكلا آخر، يصير سنجابا.. يصير مهرا عربيا، يصير بجعة تسبح في ضوءالقمر… (من قصيدة وعاد المطر لنزار قباني)

لم يكمل وقد وجد خيطا من لآلئ تبلل ابهامه، ليقطب هامسا بحيرة:

– لما البكاء حبيبتي؟

اندفعت تطوق عنقه بقوة، تزرع بنفسها في صدره هاتفة بحب.. بعشق.. بألم:

– لأنني أحبك، أحبك جدا وجدا وجدا..

ليبتسم محتويا وجهها بين راحتيه مستدركا بينما نظراته تبثان الدفء لحناياها:

– بل أنا مَن أحبك جدا وجدا وجدا

وأرفض من نار حبك أن أستقيلا..

وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيلا؟

وما همني إن خرجت من الحب حيّا..

وما همني إن خرجت.. قتيلا!!!!! (كلمات نزار قباني)..

ليختم اعترافه بختم العشاق، فقد انتهى أوان الكلام!!!!!

– تمت بحمد الله –

الملخص :

من منّا لم يسمع بـ.. “الحب من أول نظرة”.. ولكن، هل هناك مَن سمع بالحب من أول.. قطرة؟!!!!..

هي قطرة… مجرد قطرة.. ولكنها سقطت على قلب مكلوم.. فَدَاوَتْهُ، ونزلت على آخر ميّتٍ.. فأحيَته!!..

هي قطرة.. ولكنها ليست.. كأيَّة قطرة!!.. إنَّها.. قطرة.. مَطَرْ!!!!!!!!

 

جميع حقوق الملكية محفوظة للمؤلفة مني لطفي

تحت رعاية مبادرة كلمات ليست ككلمات

الجروب الرسمي للمبادرة علي الفيس بوك : من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى