قصص أطفال

قصص عالمية للأطفال مكتوبة بعنوان الثعبان والثرثارة

إن القراءة بوجه عام هي غذاء للعقل، ولابد لنا من السعي الدائم لتنمية قدرات أبنائنا منذ صغرهم؛ والقصص العالمية للأطفال المكتوبة منها تعيننا على نقل ثقافات أخرى من بلدان مختلفة حول العالم، ولكن لابد لنا من حسن الاختيار لتعم الفائدة على الدوام، أبنائنا هم أمانة الخالق بين أيدينا لذا علينا أن نحسن تربيتهم وتنشئتهم طالما حيينا.

قصة الثعبان والثرثارة

إن قصة الثعبان والثرثارة لهي قصة من التراث الشرقي…

كان هناك في قديم الزمان راعي أغنام يعيش مع زوجته في إحدى القرى، وقد كانت زوجة هذا الراعي جادة للغاية في العمل وماهرة بأي شيء تقوم بفعله غير أنها ثرثارة لأبعد الحدود، كانت لا تنفك ثانية واحدة إلا وفمهما يتحدث وصوتها عالي وصاخب، كان زوجها الراعي المسكين يعاني من ثرثرتها المفرطة، ومهما حاول جاهدا تغيير طبعها لم يستطع ذلك.

ولازال الراعي المسكين يتحملها حتى بلغت بهما السنوات عشر سنوات، وفي يوم من الأيام فقد الراعي المسكين صبره كليا تجاه زوجته الثرثارة فدعاها لنزهة خارج المنزل، وقد أخذها لوادي بين الجبال، وعلى الرغم من مشاق الطريق الطويل الوعر لم تنفك عن الحديث مع زوجها، كانت لا تمل على الدوام من الحديث في أي وكل شيء.

وبينما كانت تتحدث كعادتها على الدوام قال زوجها الراعي: “انظري يا زوجتي الحبيبة كم هذا الوادي عميق للغاية”

وبينما كانت تنظر وهي تتحدث كعادتها قام زوجها بدغدغتها لتفقد توازنها ويختل وتسقط بداخل الوادي، وحينها وحسب يمكنه مساومتها على التوقف عن الثرثرة مقابل إخراجها من الوادي المخيف، وما إن نطق بكلمة ثرثرة حتى كادت تفقده صوابه من كثرة الكلمات المتتابعة التي ألحقته بها، لم تعترف نهائيا بكونها ثرثارة وأن زوجها يكتم غيظه داخل قلبه بسبب طبعها.

قرر الراعي ألا يخرجها من الوادي حتى تكف عن الثرثرة كليا وتعترف بكونها ثرثارة ولا أحد يجاريها في هذا الطبع، ومر يوم وتلاه الثاني ثم الثالث وتوالت الأيام ولم يستسلم الراعي ولا حتى زوجته، وعندما حان اليوم السابع وقف الراعي على حافة الوادي قائلا: “يا زوجتي العزيزة ألم يأن أن تقطعي لي عهدا بأن تكفي عن الثرثرة ما بقي من حياتك؟!”، وإذا به يسمع صوتا قادما من الأسفل: “أعدك.. أعدك.. أعدك”.

ويا لسعادة قلب زوجها، وسرعان ما أنزل حبلا لقاع الوادي، وصار يسحب زوجته، وإذا به يفاجأ بأنه كان يسحب ثعبانا ضخما!، وقبيل أن يفلت الحبل من يده إذا بالثعبان ينطق قائلا: “أخرجني من هنا أتوسل إليك وسأكافئك”، سأله الراعي بتعجب: “ولكن لماذا؟!”.

فأجابه الثعبان: “أتوسل إليك أن تنقذني من هذه السيدة، إن رأسي يدور بكامله وجسدي بالكامل يؤلمني”!، هنا أصيب الراعي بالصدمة الكبيرة واليأس من حال زوجته التي لن تنعدل عنه مهما حاول معها ومهما فعل؛ وهنا بدأ الثعبان في سرد قصته للراعي وما حدث له بسبب زوجته: “إنني ثعبان مولع بالنوم الكثير، وأكثر شيء أعشقه أن ألتف حول رقاب النساء أثناء نومي، وبينما كنت نائما في قاع الوادي سقطت على رأسي سيدة ففرحت كثيرا، وركضت للالتفاف حول رقبتها ويا ليتني لم أفعل، إذ انهالت علي بالكلمات ولم تتوقف مطلقا، وعلى الرغم من فراري منها إلا إنها تبعتني بلا توقف عن الثرثرة أينما ذهبت، وبت في حالة ترثى لها حتى بعثت إلي بحبلك لينجدني من هذه السيدة غريبة الأطوار؛ ومن أجل ما فعلته معي فسأكون طريقك للثراء”.

لم يفهم الراعي ما قصده، وبعد ثلاثة أيام سمع الراعي عن ثعبان ضخم لف جسده بالكامل حول رقبة الأمير، وعلم بأن الملك أعلن عن مكافئة مجزية للغاية لمن يتمكن من إنقاذها، وعلى الرغم من محاولات الجميع لإنقاذها والفوز بالمكافئة لم يفلح أي منهم، وجاء الراعي فقد فهم الثعبان وقصده بفتح باب الثراء له جزاء ما فعله معه، وذهب للأميرة وأول ما رآه الثعبان ترك الأميرة ولكنه حذره من رؤيته مرة أخرى وإلا سيكون جزائه القتل حينها.

وأقام الملك احتفالا هائلا أدامه طيلة سبعة أيام بلياليهم، وفي اليوم السابع بعدما بذل الملك الكثير من العطايا النفيسة والقيمة للراعي اعترافا بجميل صنعه وإنقاذه حياة ابنته، جاء رسول من ملك الصين مفاده بأن ابنته الوحيدة الغالية قد التف حول رقبتها ثعبان ضخم مثلما حدث مع ابنته، وأن الجميع فشلوا في التخلص منه وإنقاذ الأميرة، هنا أصدر الملك أمرا للراعي بالذهاب للصين مع رسول الملك وإنقاذ الأميرة من الثعبان الضخم، وفي هذه اللحظة أيقن الراعي أن حياته قد انتهت لا محالة، وأن الثعبان حذره مسبقا ولكنه لم يكن يملك الخيار من أمره فإن أبى أمر الملك فنهاية حياته أيضا لا محالة.

ذهب الراعي للصين، وبينما كان يقترب من ملاقاة الثعبان الضخم ويرتجف من كثرة الخوف لمجرد التفكير في ردة فعله خطرت بباله فكرة تخلصه من كل ما هو فيه، أول ما دخل على الثعبان الضخم تظاهر بالخوف الشديد، وأخبره قائلا: “أيها الثعبان لقد ذهبت للوادي لآخذ زوجتي، ولكني لم أجدها وعندما سألت عليها علمت بأنها قد أتت للصين، وبعد بحث طويل أيقنت بأنها أمام  القصر الملكي تبحث عنك بعدما عجت المدن وكل القرى بأمر التفافك حول رقبة الأميرة”.

ذهل الثعبان مما يقوله الراعي، وفجأة سمعا صوت أقدام تقترب من حجرة نوم الأميرة، فقال الراعي وقد بدا على صوته الرجفة: “إنها زوجتي لا محالة”، هرب الثعبان الضخم في الحال دون تفكير، وتم إنقاذ الأميرة والتي كانت تضعف وتذبل في كل دقيقة والثعبان ملتف بها حول عنقها.

ومن جديد أغدق ملك الصين الكثير من الهدايا الثمينة الباهظة على الراعي لإنقاذه لحياة ابنته، عاد الراعي لزوجته ليأخذها من الوادي، وقد جددا منزلهما وكعادتها التي لن تنفك عنها الثرثرة في كل ثانية من حياتها، توقف الراعي عن الضجر الذي كان يشعر به حيال طبع زوجته فقد بات متعودا عليها.

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى