قصص وعبر

قصة عن الوطن والوفاء لها قيمة ومعبرة للغاية

عندما يعتز الإنسان بوطنه، فإنه ينشأ بينه وبين كل ذرة من ترابه رابطة عجيبة فيها الكثير من الحب والولاء والانتماء، لهذا يجب أن يظل الإنسان معتزًا بوطنه دومًا، ومن جانب آخر على كل الأوطان تقديم العدالة والمساواة بين جميع المواطنين حتى يشعر كل مواطن بأنه حق عليه حماية أوطانه.

الوطن للجميع ليس لأناس وأناس، وإن لم تتحقق هذه القاعدة فهذه أولى خطوات هدم أي وطن، إن لم يشعر الفرد بالمساواة والعزة بوطنه فسيحقد عليه ولن يقدم له شيئا، ولكن إن شعر بمدى احتواء وطنه له فسيقدم كل  غالي ونفيس بل وسيبذل حياته فداءً لوطنه.

قصة عن الوطن والوفاء له:

من البداية هذه القصة قصة حقيقية وحدثت منذ زمن بعيد نسبيا…

كان هناك رجلا يعمل في تهريب سلع غذائية من بلد مجاور لموطنه وإلى وطنه وتحديدا أهله وبعض البلدان الصغيرة المجاورة لبلدته، وكان كل من يسمع بما يفعله يقبل عليه ويريد أن يأخذ مما يحضره من هذه السلع، فقد كان يوفرها بثمن أرخص من المطروح بالأسواق، علاوة على كونه كان يأتي إليهم بسلع تم احتكارها وسلع ليست موجودة بأسواق وطنه.

لم يكن هدفه مما يفعله كسب الأموال والتربح نهائيا، ولكنه كان يشفق على حال كل من حوله، وما كان يفعله لأجله كان يزيدهم محبة له؛ وما إن ذاع صيته حتى أصدرت حكومة بلاده قرارا بضبطه وإحضاره وملاحقته أينما ذهب ليمتثل أمام القضاء ويعاقب عن جرائمه من خرق القوانين الموضوعة في بلاده بشأن التهريب وما إلى ذلك.

فبات الرجل متخفيا عن أعين الشرطة ورجالها، ولكنه مكمل في طريقه، كان يعيش بإحدى الجبال القريبة من بلده والتي تكون على الحدود؛ وفي يوم من الأيام بينما كان بالجبال إذا به يلحظ  رجلا من بعيد مصابا حد عجزه عن الحركة، فأقبل إليه ليساعده ولاحظ أن لهجته قريبة من لهجته الشخصية فخمن أنه ربما يكون من بلدة مجاورة لبلدته، فأسعفه وفعل اللازم معه بحكم خبرته التي اكتسبها من كثرة اختلاطه بمن يسكنون الجبال.

وقرر أن يعود لبلدته لإحضار بعض الأطعمة والمستلزمات الطبية من أدوية وأدوات لتطيب جروحه، وما إن وصل منزله لتعينه زوجته على ما يريد وجدها تستمع للمذياع حينها، وسمع أنه هناك طيار من الصهاينة قد أسقط الجنود له طائرته فوق بلادهم، شك في الأمر فجعل زوجته تعطي له كل المعلومات السابقة التي سمعتها من المذياع، وبالفعل أخبرته زوجته بكل ما سمعته من خلال المذياع وكانوا قد أعطوا وصفا للطيار مسبقا، وجد الرجل أن الغريب الذي قام بإنقاذه وإيوائه وعلاجه هو نفسه الصهيوني الذي يبحثون عنه.

عاد مسرعا للجبل، وما خمنه كان حقيقيا فقد وجده على الرغم من جروحه ومما يعاني منه بسبب إسقاط جنود وطنه لطيارته إلا إنه متيقظا يقظة الأسد الذي في انتظار فريسته لينقض عليها؛ وأول ما دخل الرجل سأله في حدة وبيقين قائلا: “أأنت إذا الطيار الصهيوني الذي يخبون عنه؟!”

فأجابه الصهيوني وكان في الأصل قد أمسك أداة حادة للتخلص منه: “نعم إنني أنا بعينه، ماذا تريد مني إذا؟!، أتسلمني للأمن سيمسكونك معي لأنك وإن يبدو عليك هاربا، وربما وضعونا معا في نفس السجن وبنفس الزنزانة أيضا”.

رد عليه الرجل: “مثلي ومثلك لا يمكن أن يجتمعان بنفس المكان نهائيا، سآخذك لرجل موطني ليجعلوا منك عبرة لكل من سولت له نفسه إيذاء وطني، وكل رجائي أن يقتلوك قتلا يليق بقذارتك لأن أمثالك لا يستحقون إلا القتل وبأبشع طريقة ممكنة على الإطلاق”.

وفي هذه اللحظة أظهر الأداة الحادة التي كان قد خبأها خلف ظهره وما إن حاول أن ينقض عليه تفاداه الرجل وأذاقه الويلات، فلم يكن يعلم أن الحياة بالجبال تزيد من حدة وقوة الرجال، وما إن جعله طريحا في الأرض مغشيا عليه من شدة الضرب حتى حمله على كتفه وعاد به للموطن عوضا عن الحدود ليقوم بتسليمه لأقرب مقر لرجال الشرطة غير آبه كليا بما سيحدث له، فهو في النهاية مطلوب من رجال  الشرطة.

وبالفعل وصل لمقر الشرطة واستدعى مديره شخصيا، وما إن أتاه حتى قال له: “أيها المدير هذا عدوي وعدوكم، الطيار الصهيوني الذي تبحثون عنه، وجدته على الجبال وأمسكت به وجئت إليكم لا أبالي بما تصنعون معي، إن شئت أحضرت الأكبال ووضعت في يدي الآن، أهم شيء عندي أن أكون وفيا لوطني وألا أغدر به وإن كلفني الأمر حياتي”.

اقترب منه مدير مقر الشرطة وقبل جبينه وهو يحمل تجاهه مشاعر الفخر والاعتزاز بمن مثله على أراضي الوطن وقال: “ليس من هم مثلك يمكننا أن نضعهم خلف الأسوار وفي السجون، إن أمثالك نضعهم فوق الرأس ونفتخر بهم ونعتز، لأن الوطن قائما على أمثالك، أنت جئتنا بعدونا وعدو بلادنا مكبلا مشدود الوثاق، ونحن نكافئك بإبطال كافة التهم والأحكام القضائية التي صدرت ضدك، والوسام الأكبر أننا قد أدركنا ما يفعله رجل مثلك، فأكمل ما تفعله”.

وبالفعل أكمل الرجل عمله الذي كان يفعله من قبل، ولكنه غير مطارد من رجال الشرطة بل تحت أعينهم وبرضاهم أيضا، وكل ما كان يفعله هو تأمين السلع الغذائية لأبناء وطنه بأسعار زهيدة مقابل الموجودة بالأسواق، وعرف هذا الرجل بين كل الرجال بالأسد المغوار الذي استطاع أن يأتي وطنه بعدو له غادر حاقد لا يؤمن جانبه مكبلا محمولا كجثة هامدة.

القيمة والعبرة من القصة:

قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في قيمة الأوطان: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه، فهو شهيد).

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى