قصص وعبر بعنوان نموت فيحزنون على فراقنا!
نولد فيفرحون بنا، نموت فيحزنون لأجلنا، وما بين الاثنين لا يشعرون بوجودنا!
قصة اليوم تنطبق عليها هذه الكلمات حرفيا، ربما وجدت هذه الكلمات لتصف قصة اليوم ليس إلا!
القصــــــــــــــــــــة:
يحكي راوي القصة ويذكرها قائلا…
بيوم من الأيام لاحظت أن هناك مجموعة من الأهل، كانوا قد جاءوا إلى المشفى مصطحبين ابنتهم والتي كان مغشيا عليها، من حديث الأم فهمنا أنه كان هناك جدال بينها وبين زوجها، والزوجة أصيبت بانهيار عصبي نتيجة الخلاف الحاد، شرعت في التشنج ومن بعدها أغشي عليها.
العجيب في القصة أنني لاحظت ملامح الجحود على وجه زوجها، لم يكن متأثر بزوجته ولا وضعها الصحي الذي آلت إليه، على خلاف أمها والتي كاد أن ينفطر قلبها على ابنتها، أكاد لا أجزم إن قلت عنه أنه أتى معهم جبرا وغصبا، كان حديثه أنه يريد الخلاص وحسب، يريد العودة إلى منزله في أسرع وقت ممكن.
ما لاحظته كان بسبب نافذة غرفتي بالمستشفى تطل على الجهة الأمامية، فكنت حاضرا معهم من بداية وصولهم، ما جذب انتباهي حقا وجعل الفضول يأكل قلبي، موقف الزوج، لم أستطع إبعاد ناظري عنه ولا تشتيت انتباهي بعيدا عنه كليا، ولازلت أناظره حتى ورده اتصال، صب جل غضبه على المتصل، ذكر بأن زوجته لا تنفك أن تتلاعب بالجميع وتدعي الإعياء حتى يأتون بها للمستشفى وبعدها كأن شيئا لم يكن من الأساس!
المكالمة كانت طويلة وكلها قسوة، لفت نظري جملة قالها في وسط المكالمة: “لن أدخل لها، أمها معها بالداخل، سأرضيها بكلمتين حينما تخرج من المستشفى ونعود منزلنا”.
مرت ساعة كاملة وأنا كل دقيقة أنتهي من شيء وعيني تقع من جديد على ملامح الزوج، والتي تخلو من كل شيء باستثناء الجحود، حتى جاءت اللحظة التي نادى الأمن فيها على اسم مريضة؛ قام الرجل الذي أرقبه بامتعاض شديد يرد، عرفت حينها أن الاسم يعود لزوجته.
قال للزوج الطبيب كلمتين اثنتين: “البقاء لله زوجتك توفيت، ادخل حيث أن والدتها مغشي عليها بالداخل!”
كانت الكلمة كافية أن يقع الزوج على الأرض في لحظتها وتحول الجحود على وجهه لبكاء شديد، وصراخ وهستيريا صراخ طفل صغير فقد أمه ملاذه الوحيد بالحياة وليس رجل كبير.
كان يردد قائلا: “لن أحزنها ثانية ولكن أعيدوها لي، والله أعيدوها ولن أنزل دمعة واحدة من عينيها، لن أرفع يدي عليها مجددا، لقد أخطأت في حقها كثيرا، ولكني ما عدت أفعل لها شيئا بعد الآن، اعتقدت بأنها كانت تدعي مرضها وتدعي الإعياء لتستجلب رضاي وحبي لها، كانت دائما تقول قلبي يؤلمني”!
علمت أن الزوجة قد توفيت نتيجة الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، أو ما يعرف بـ (Broken heart syndrome)
وهذه المتلازمة أحد أهم أسبابها فعلا الشعور بالحزن المستمر والضيق والضغط العصبي.
كل من بالمشفى حرفيا من كوادر العمل والمرضى والقائمين على المرضى ذهبوا إلى الزوج ليواسوه على فقده ومن شدة سوء الحالة التي سيطرت عليه، لقد انهار كليا على فراق زوجته باستثنائي أنا!
لقد أشفقت على حالته وأشفقت على الابتلاء العظيم الذي كتب عليه، فمصابه جلل ولاسيما صغاره، ولكن كانت هناك بداخلي الكثير من الكلمات التي وددت لو أبوح له بها حينها، وتمنيت لو أنني علمت بأمرهما من قبل.
كنت أود أن أخبره بأن الحياة ليست على الدوام مزدهرة لها، وأنها لن تعطينا كل ما نتمنى، كنت أود أن أخبره بأنه ليست هناك على الدوام فرصة ثانية لتصليح أخطائنا، وددت لو أخبره بأن قسوته على زوجته كانت سببا في رحيلها عنه وعن أولادهما، وددت لو أخبره بأن رفضه الدخول لها بالغرفة وتطييب خاطرها ببضع كلمات بسيطة كان من الممكن أن يكون سببا في نجاتها.
أعلم أن كل شيء بقدر الله سبحانه وتعالى، فعلام يعيش المرء منا نادما على أفعاله والتي من الممكن ألا تغتفر، لا نريد قسوة ولا نريد عندا، ولا نريد تأجيلا لتصليح الأخطاء فيما بيننا، فالوقت ربما لم يكن في صالحنا.
مزيدا من قصص وعبر من خلال:
قصص وعبر بعنوان ذكاء وفطنة وحكم عادل أساس في الملك
وأيضا/ قصص وعبر قصيرة ولكن قوية ومفيدة ومؤثرة لن تنساها
قصص وعبر تعم بالحكمة والموعظة من أجمل ما ستقرأ يوما