قصص وعبر

قصص وعبر من الواقع لن تصدقها على الرغم من كونها حقيقية! الجزء الثاني والأخير

قصص وعبر من الواقع

ومازلنا نستكمل قصتنا المليئة بمشاعر جياشة تجسد عاطفة الأمومة وعاطفة الأبوة وعاطفة الإخوة أيضا، تجسد معاناة طفلة صغيرة مع مرض قاسي إلى أن أصبحت فتاة كبيرة.

طفلة مصابة بالسرطان.
طفلة مصابة بالسرطان.

الجزء الثاني والأخير

فسألتها الأم المصرة على إنقاذ حياة ابنتها الكبرى ولو على حساب شقيقتها الصغرى: “لم لا تريدين التبرع لشقيقتكِ بكليتكِ؟!”

انهارت الابنة من كثرة أسئلة والدتها والتي ركزت فيها على جانب ابنتها العاطفي وذكرتها بكل اللحظات التي رأت فيها شقيقتها الكبرى تتعذب من كثرة الألم الذي تمر به بسبب ما حل بها من مرض خبيث وموجع بل ومفتك للغاية.

في هذه اللحظة شرعت الفتاة بالصراخ من محاولة والدتها لاستثارة مشاعرها وعاطفتها تجاه أختها …

الابنة الصغرى: “لم لا تستسلمين يا أمي، إن أختي حتى وإن تبرعت لها بكليتي لن تعيش سوية من الأساس، وستستمر معاناتها أيضا، لم تعذبيها وتعذبينا نحن معها أيضا، لم لا تتركين الأٌقدار تسير كما مرتب لها أن تسير؟!”

وقفت الأم في ذهول من الحقيقة المرة التي سمعتها أخيرا، بالفعل عندما صدمت بخبر إصابتها بالمرض الخبيث كانت في البداية لا تتقبل الأمر كليا، ولكنها تعاملت معه عندما رأت بعينيها آلام ابنتها، وما إن شرعت ابنتها في بدء جلسات العلاج الكيمياوية وبدء شعرها في التساقط وحالتها النفسية في التدهور، قامت الأم بقص شعرها كاملا تعاطفا وتساندا مع ابنتها ولإعطائها جرعة من الأمل.

لم تدخر الأم أي من مجهودها، فقد كانت محامية لها اسم أشهر من نار على علم ولكنها ضحت بكل ذلك وتعلمت كيفية التمريض وأصبحت ممرضة لابنتها تعتني بها بنفسها ولا تدع شخصا غيرها يقوم على رعاية ابنتها والاعتناء بها؛ وأول ما أرادت حالتها عندما أصبحت حرجة وبدأت في التدهور للتبرع من شخص معافى لم تتردد الأم ثانية في إعطائها كل ما تحتاج إليه، ولكن لسوء الحظ أن العينات لا تتطابق ولا حتى عينات والدها ولا حتى أخيها أيضا.

لم تيأس الأم وسعت وحاولت في الموضوع وسألت كثيرا أولي العلم ونصحوها بإنجابها طفل أنابيب وبهذه الطريقة تتطابق عيناتهما سويا، وبالفعل أنجبت ابنتها وطوعتها وفقا لاحتياجات شقيقتها؛ في هذه اللحظة بالمحكمة تذكر الوالد اللحظة التي كانت فيها ابنتها الصغرى تبلغ من العمر خمسة أعوام، وقد أرغموها جميعا على خوض تجربة قاسية بسحب خلايا جذعية من بين فقارات ظهرها وكانت صعبة للغاية، تذكر مدى معاناة ابنته الصغرى حينها ولم يكن لأي منهما أن يأبه لأوجاعها ولا نداءها ولا توسلاتها، وفي هذه اللحظة مازالت أيضا تصرخ وتنادي عليهما وتتوسل.

في هذه اللحظة أيضا خرج الابن الوحيد عن صمته وتجاوز حدوده وكشف حقيقة حياته المريرة حيث اضطرا الأبوان أن يدخلاه مدرسة داخلية اعدم قدرتهما على الاعتناء به، بين كم التنمر والأفعال الشنيعة والصعاب التي قام بمواجهتها بعيدا عنهما، بين كم أنه لم يجد الأمان والحماية التي يحتاجها كل ابن في أبويه؛ لقد تمحورت حياة الأبوين على ابنتهما الكبرى لدرجة أنهما لم يجدا وقتا آخر للاعتناء بابنيهما الأخرين.

هنا أيقنا كم المأساة التي جلباها لحياة الصغيرين، ولكن تظل البطلة الكبرى بقصتنا الابنة الكبرى، الفتاة التي عانت بسن صغير ومازالت تعاني من أوجاع جسدها فتارة تخفي آلامها وتارة لا تستطع وهكذا، لقد ظلت أعواما طويلة على هذه الحالة.

وأخيرا حكمت المحكمة لصالح الابنة الصغرى حيث أن أبويها لن يرغمانها على فعل أي شيء لأختها إلا بموافقتها وبإقرار منها على ذلك، والقاضي سحب منهما كافة السلطات للتدخل في شئونها؛ وفي هذه الأثناء ساءت حالة الابنة الكبرى بمراحل، والأطباء لم يجدوا لأجلها متبرعا يتناسب مع سمات جسدها، وبكل لحظة كانت تعاني والجميع التف حولها بما فيهم شقيقتها الصغرى التي أبت التبرع لها.

كانت هناك الكثير من الدموع ولكنها استطاعت الابنة الكبرى تحويل هذه الدموع لسعادة، كانت تحب الذهاب لمكان معين ببحيرة حيث هناك الهواء العليل والمياه العذبة، وطلبت ذات يوم الذهاب إليه مع كل أفراد عائلتها، استمتعت معهم كثيرا بالرغم من كونها لا تستطيع استنشاق الهواء إلا وأنبوب الأكسجين موضوع بأنفها.

وبتلك الليلة أخبرت والدتها أن تدعها ترحل عن عالم مليء بالمتاعب وأن تستسلم بالفعل؛ أعطت والدتها كتاب قامت بصنعه بنفسها خصيصا لكل أفراد عائلتها، والدتها التي رسمت لها جناحين كالملاك ووالدها الذي لطالما أحبها حتى أكثر من نفسه، وشقيقها الذي عانى من كل مشاكل الحياة بمفرده ولكنه لم يفصح عن ذلك الأمر أبدا، وشقيقتها التي أعطتها أجزاءا من جسدها، انهارت الأم عندما قرأت الكتاب الذي صنعته ابنتها وعلمت حينها أن موعد الرحيل قد اقترب، احتضنتها ابنتها ونامت هذه الليلة في حضنها، وعندما حل الصباح كانت الفتاة قد غادرت الدنيا.

لم تنسى العائلة ابنتهما لأنها كانت محفورة بالقلوب، كانوا يحتفلون جميعا بعيد مولدها بالمكان الذي كانت تحب زيارته (شاطئ البحيرة).

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

قصص وعبر من الواقع لن تصدقها على الرغم من كونها حقيقية! الجزء الأول

قصص وعبر واقعية قصيرة هادفة وفي منتهى الروعة

3 قصص وعبر نهاية الظالمين حقيقية مؤلمة

قصص وعبر وحكم يوتيوب لن تندم مطلقا على قراءتها!

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى