قصص وعبر

قصص وعبر حكم وأمثال قديمة فيها حكمة وذكاء

لابد لنا أن نعلم أن القراءة تمنحنا القدرة على الانتقال بين الكثير من العوالم بين الماضي والحاضر وأحيانا كثيرة المستقبل أيضا بسهولة ويسر.

القراءة تجعلنا نتطلع نحو المستقبل بآمال وطموحات تفوق أعمارنا بأعمار، ولا يمكننا أن نتجاوز عن أن القراءة تعتبر وسيلة فعالة للعيش في جميع العصور من خلال القراءة عنهم ومعرفة أحوالهم آنذاك؛ القراءة تعطي القارئ منا كل ما يريد على طبق من ذهب.

القصـــــــــــــــــــة:

أيها السادة سأروي لكم اليوم القصة الحقيقية وراء المثل المعروف لدينا جميعا، أولا وهو (كل إناءٍ ينضح بما فيه)…

يُحكى أنه في إحدى الممالك قديما كان الخير يعم الجميع والرخاء في كل مكان، والرعية يلتفون حول الملك الذي كان متفانيا في فعل الخيرات والصالح لأجلهم على الدوام، كان لا يتوانى في حل المشكلات التي تواجه شعبه ومملكته أول بأول حتى وإن صغرت.

وفي يوم من الأيام جاءه أحد الرعية يشكو من بعض قطاع الطرق تعرضوا له أثناء سفره خارج أسوار المملكة، وسلبوا كل شيء كان بحوزته.

في بداية الأمر ظن الملك ووزراءه من حوله بأن الأمر اقتصر على مرة واحدة وحسب، ولكن تكرر الأمر مع كل من خرج من أسوار المملكة، ووردت الأنباء للمك على الفور اجتمع بالوزراء جميعا وعرض الأمر، وأراد منهم سماع حل يرضيه ويوفر الأمن والأمان لشعبه في الحال.

فاقترح أحد وزراءه بأن يُخرجوا جيشا جرارا يتتبع هؤلاء القطاع وألا يعودوا المملكة إلا وقد قضوا عليهم عن بكرة أبيهم، استحسن الملك الرأي ولكنه أراد أن يستمع للمزيد ريثما يأتيه أفضل القرارات ويرسو على أفضل الآراء.

ولكن كان من بين وزراءه وزير يثق في رجاحة عقله وحكمته، كان له رأي مخالف، فقال: “أيها الملك الحكيم إني لي رأي وأرجو أن تأخذ به”، فلما أذن له الملك قال: “نبعث إليهم برجل منا يندس بينهم، يصير مثلهم ومعهم حتى يثقوا به ويفيضوا ببحر أسرارهم بين يديه، فيعود إلينا بخباياهم وأسرارهم جميعها، فيسهل علينا أ ننقض عليهم في غفلة منهم ونأسرهم جميعا بأقل الخسائر الممكنة”.

فسأله الملك عمن يمكنه الذهاب والثقة به، فبادر الوزير بعرض نفسه لأداء المهمة على أكمل وجه ممكن على الإطلاق، فأذن له الملك وتمنى له السلامة في رحلته والتي تحفها المخاطر الجسيمة حرفيا.

ارتدى الوزير رث الثياب لدرجة بدت عليه ملامح البؤس والفقر والشقاء، ذهب إلى قطاع الطرق وأعلمهم بنيته بأنه كره طيبة قلبه التي كانت سببا في ضياع كل شيء من بين يديه، وأعرب  لهم عن مدى رغبته في أن يكون واحدا منهم، فسألهم ماذا تفعلون لتحصلوا على الأموال؟!

أجابهم كبيرهم قائلا: “نفعل كل شيء ما تتوقعه وما لا يقدر عقلك على توقعه وتخيله، نسفك الدماء .. نسرق.. نستضعف، أهم شيء لدينا أن نحصل على الأموال”.

فأجابه قائلا: “وهذا ما أريد”!

فقال كبيرهم: “قد وافقنا عليك لتكون رجلا منا”.

ومكث الوزير وكأنه واحدا منهم طيلة أربعة شهور، كان يفعل معهم كل ما يفعلون لينال ثقتهم، وفي يوم من الأيام حينما خيم الظلام تركهم وعاد إلى الملك يحمل أدق التفاصيل، وفي الصباح الباكر بادرهم الجيش الجرار، أسرهم جميعا دون أن تراق قطرة دم واحدة، ورجع الفضل كاملا بعد الله سبحانه وتعالى للوزير صاحب الفكرة ومنفذها.

حكم عليهم الملك حكما بالسجن مدى الحياة حتى يبث الله في أمرهم أمرا كان مفعولا، عمَّ الأمن وساد الأمان في كل أرجاء المملكة وخارجها، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب ولا حتى التفكير من أسوارها.

طلب الوزير الحكيم طيب القلب من الملك أن يشفع له عند أحد الشباب الصغار من قطاع الطرق، وأعلمه بأنه وجد خيرا فيه وأنه ضامن له ولكل أفعاله، فاستجاب الملك لطلب وزيره فقد كان يثق به لأبعد الحدود.

جعل له الوزير منزلا خاصا به، وأعدَّ له نخبة من المعلمين والمربين، وتكفل به وكأنه ابنه الذي لم ينجبه، وبالفعل تبدل حال الشاب وصار أفضل مما يجب.

وفي يوم من الأيام زار الشاب صديق قديم، تصبب عرقا فقد كان من ضمن قطاع الطرق الذين انفضوا عنهم قبل قدوم الوزير إليهم، وحينما وجده في نعمة ورغد سأله عن مقدار المال الذي سرقه من صاحبه، فاستنكر الشاب على صديقه سؤاله واتهامه بسرقة الوزير، فأجابه صديقه: “كلانا يعلم جوهرك، فلا تراوغني، أمامك خيار من اثنين لا ثالث لهما، إما أن تقتل الوزير وتقوم بسرقته ونتقاسم المال سويا، وإما أقتلك أنا بيدي هاتين”.

فاستجاب الشاب لطلبه، وفي جنح الليل قتل الوزير وسلبه كل شيء، وفي الصباح انتشر خبر مقتله، فحزن الملك حزنا شديدا على خسارته إياه وقال: (كل إناءٍ ينضح بما فيه).

للمزيــــــــــــد من قصص وعبر يمكننا من خلال:

قصص وعبر بعنوان خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين

وأيضا/ قصص وعبر من الضروري ستضع بصمة منيرة داخل حياتك

قصص وعبر من التاريخ الإسلامي في طياتها الكثير من العلم والفائدة

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى