قصص وعبر بعنوان ستغير وجهتك بالحياة بأكملها لا تفوتها!
لابد لنا أن نعلم أن القراءة تمنحنا القدرة على الانتقال بين الكثير من العوالم بين الماضي والحاضر وأحيانا كثيرة المستقبل أيضا بسهولة ويسر.
القراءة تجعلنا نتطلع نحو المستقبل بآمال وطموحات تفوق أعمارنا بأعمار، ولا يمكننا أن نتجاوز عن أن القراءة تعتبر وسيلة فعالة للعيش في جميع العصور من خلال القراءة عنهم ومعرفة أحوالهم آنذاك؛ القراءة تعطي القارئ منا كل ما يريد على طبق من ذهب.
القصـــــــــــــــــــــــة:
يقول أحد الدعاة الثقل لديننا الإسلامي الحنيف: (كنت أقف في يوم من الأيام فسمعت بكاء سيدة إفريقية بكاء ونحيب وتوسلات لأحد الأطباء القائمين على مساعدة الأطفال الصغار بإفريقيا، والقائمين على علاج المرضى في بعثتنا لإفريقيا.
وللحق أنني تأثرت لشدة إصرارها ومدى تمسكها بتحقيق مرادها، فتحدثت إلى الطبيب وسألته عما بها بإصرار، فقال لي الطبيب: إن ابنها الرضيع يعتبر في حكم الميت، ومهما فعل له لن يعي، وهي تريدني أن ألحقه بالأطفال الذين سنجعلهم في قائمة العلاج ونرعاهم، المشكلة أن المال الذي سننفقه على طفلها لا فائدة له، إنه طفل لن يعيش إلا أياماً معدودات وربما لا، والمال أولى به غيره من هؤلاء الأطفال.
فاستأنف الداعية حديثه قائلا: وجدت الأم المسكينة تنظر إلي والطبيب يحكي لي، كانت نظراتها نظرات توسل واستعطاف، فنظرت للمترجم وقلت له: اسألها كم تحتاج من المال بكل يوم لعلاج صغيرها؟، فأخبرت الأم المترجم بالمبلغ الذي تحتاج إليه، وجدته قليلاً للغاية، لدرجة أنه يساوي ثمن مشروب غازي ببلدي!
فقلت للطبيب: حسنا، سأدفع للطفل من مالي الخاص، وطمأنت الطفل، كانت المرأة المسكينة تريد تقبيل يدي، ولكني منعتها من فعل ذلك بكل تأكيد.
أعطتها بعض الأموال وطلبت منها أن تجعلها نفقة لصغيرها لمدة عام كامل، وأعلمتها أنه حينما عندما تنفد النقود منها، وقد أشرت إلى أحد مساعديَّ، بأن تخبره وسيعطيها ما تحتاج إليه من أموال.
وتمر الشهور والسنوات، وإحقاقا للحق أنا شخصيا اعتبرته فعلاً طفلاً ميتاً، حالته لا تسمح بغير ذلك على الإطلاق، وما فعلته كان جبرا لخاطر هذه الأم المسكينة المكلومة على صغيرها وحسب، وليهدأ روعها على صغيرها الذي يحتضر بين يديها، ولاسيما أنها كانت حديثة عهد بالإسلام، وقد نسيت الموضوع بأكمله لطول السنوات ولكثرة الانشغالات؛ وبعد أكثر من اثني عشر عاما كنت في المركز بإفريقيا، وأتاني أحد الموظفين، وقال لي: هناك امرأة إفريقية تصر على مقابلتك، وقد جاءتك عدة مرات من قبل، فقلت له : دعها تأتي إذا.
فمثلت أمام عيني سيدة لا أعرفها، ومعها طفل جميل الوجه بملامح هادئة، وقالت لي مشيرة إلى الطفل الذي بصحبتها: إن هذا ابني عبدالرحمن، لقد أتم حفظ القرآن الكريم، والكثير من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو يتمنى أن يصبح داعية لدين الإسلام معكم.
أصابني العجب من حديثها ومدى إصرارها فسألتها: ولكنكِ لماذا تصرين على هذا الطلب ومني أنا تحديدا؟!
فلم أكن حينها أفهم شيئاً، ووجهت نفسي كليا للطفل الهادئ أطالعه بهدوء تام، وإذا به يتحدث إلي وباللغة العربية وبكل هدوء، وقال لي: لولا الإسلام ورحمته ما كنت لأعيش وأقف بين يديك الآن، فقد حكت لي أمي مرارا قصتك معها، وإنفاقك على رحلة علاجي وعلى تعليمي طوال مدة طفولتي، أريد أن أكون تحت رعايتك، إنني أجيد اللغة الإفريقية وأعرفها تماماً، وأحب أن أعمل معكم كداعية للإسلام، ولا أحتاج سوى القليل من الطعام، وأرغب أن أسمعك تلاوتي للقرآن الكريم.
وبالفعل بدأ يتلو آيات من سورة البقرة بصوت شجي خاشع للغاية، وعيناه الجميلتان تنظران لي متوسلة أن أقبل طلبه، في هذه اللحظة وحسب تذكرت وقلت لها: هل هذا نفسه ذلك الطفل الذي رفضوا ضمه إلى الرعاية الطبية؟!
فقالت الأم وعينيها قد لمعت : نعم، إنه هو!
قال ابنها: لأجل ذلك أصرت أمي أن تقدمني إليك دونا عن غيرك، وجعلت اسمي على اسمك “عبدالرحمن”.
يقول الداعية في قصته: حينها قدماي لم تحملاني، خرت بي على الأرض وأنا في حالة أشبه بالمشلول لهول الفرحة والمفاجأة في آن واحد، وسجدت لله شكراً وأنا أبكي وأقول في نفسي: يا الله ثمن مشروب غازي يحيي نفساً، ويرزقنا بداعية نحتاج إليه؟!
لقد أصبح هذا الطفل من أكثر دعاة إفريقيا بين قبائلها شهرة، وقبولاً لدى الناس أجمعين.
لك أن تتخيل على إثر هذه القصة كم من صدقة قليلة حوَّلت حياة أناس كثيرين وجعلتهم سعداء، وكم من أموال ننفقها بلا طائل وبلا هدف كانت وبالاً علينا وعلى أمتنا الإسلامية؟!
وها نحن اليوم كم من المليارات تُنفق في صفقات اللاعبين كرونالدو وغيره، ومليارات أخرى تُراق على أعتاب المسارح الماجنة، ومليارات أخرى تُحرق في حفلات الغناء والمجون والرقص و راقصات وفنانين من أتفه ما يكون، وأخرى على موائد السفه والترف، كل ذلك في وقت تموت فيه النفوس في إفريقيا وآسيا من الجوع وحسب، ولا ننسى إخواننا في غزة الذين باتوا يذبحون أمام أعيننا في بث مباشر ليل نهار!
لله المشتكى…
اقرأ مزيدا من ق من خلال:
قصص وعبر بعنوان ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون