قصص الأنبياء بعنوان يوسف عليه السلام وإخوته
قال تعالى في سورة يوسف في كتابه العزيز: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ).
قال العلماء في هذا الصدد: سميت قصة يوسف أحسن القصص، وذلك لأنها جمعت ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة، والشياطين والأنعام، وأيضا سير الملوك والمماليك والتجار والعلماء والرجال والنساء، وحيل النساء، وذكر التوحيد والفقه والسر وتعبير الرؤيا وتأويلها والسياسة والمعاشرة، وأيضا تدبير المعاش، والصبر على الأذى والحلم والرضا على أقدار الله، والعز والحكم، وكثير من العجائب غير ذلك كله.
من قصص الأنبياء (يوسف عليه السلام وإخوته):
كانت بداية قصة سيدنا “يوسف” مع إخوته وكيد له حينما كان سيدنا يوسف طفلا وذهب إلى أبيه وأخبره بالرؤيا التي رآها بمنامه، فقد رأى في حلمه أحد عشر كوكبا ورأى أيضا الشمس والقمر ساجدين على الأرض، فسمع منه أبوه نبي الله “يعقوب” عليه السلام رؤياه وحذره من إخبار إخوته بالرؤيا.
وأدرك نبي الله “يعقوب” عليه السلام أن وراء هذه الرؤيا حدث مهم، وأن ما رآه يوسف لأمر هام بالنسبة له، ولذلك حذره من إخبار إخوته، خوفاً من غيرتهم من أخيهم والذي كان أخاً غير شقيقا لهم، فقد كان سيدنا يعقوب عليه السلام قد تزوج بأخرى وأنجب منها سيدنا يوسف وأخيه “بنيامين”.
وجاء دور الشيطان الرجيم فحفر حفرة في نفوس إخوة يوسف واتخذهم سبلا للوصول إلى ما يريد، فامتلأت نفوسهم بالحقد والكره على أخيهم الصغير، فقرروا أن يكيدوا له كيدا عظيما حيث كان إخوته يكرهونه كرها عجزوا عن إخفائه ولاسيما حينما استمع لنصح أبيه ولم يخبرهم بأمر رؤياه!
اجتمع إخوة سيدنا “يوسف” عليه السلام يتحادثون في أمره، ولا يبتغون ويريدون من الاجتماع إلا التخلص منه نهائيا، وقالوا فيما بينهم وهم يتحادثون أنهم مجموعة قوية وقادرين على نفع أبيهم، وأن أباهم مخطئ في أن يحب هذين الصبيين “سيدنا يوسف وأخوه” وأن يفضلهما علينا، فاقترح واحد منهم أن يقتلوا يوسف ويلقوا به بأرض بعيدة، وبعد ذلك يتوبون عن فعلتهم ويستغفرون ربهم، فألقى الله سبحانه وتعالى في قلب أحدهم الخوف من قتل أخيهم وبأيديهم، فاقترح أن يلقوا بسيدنا “يوسف” عليه السلام في بئر، وينتظرون حتى تمر عليه إحدى القوافل التي تمر مرارا وتكرارا حيث تأخذه قافلة وترحل به بعيداً، وبذلك يتخلصوا منه ويخلو لهم وجه أبيهم.
وبالفعل شرعوا في تنفيذ مخططهم، وأول ما فعلوه أن توجهوا إلى أبيهم يطلبون منه السماح والإذن ليأخذوا أخاهم يوسف معهم، وقالوا له لماذا لا تأمنا على يوسف وهذا أخونا ولا تخف عليه فنحن سنأخذه يرتع ويلعب معنا ولن يصيبه أي أذى ولا ضرر.
فقال لهم سيدنا “يعقوب” عليه السلام إني لا أخاف عليه معكم ولكنى أخاف أن يأكله الذئب وأنتم تكونون عنه غافلون، فقالوا نحن يا أبانا عشرة من الرجال كيف نغفل عنه ويأكله الذئب؟!، لذا فلا تخف عليه فلن يأكله الذئب ونحن عصبة من الرجال الأقوياء، فأذن لهم أبوهم بأخذ أخاهم “يوسف” عليه السلام معهم، وذلك لشدة إصرارهم على أخذه وإقناعهم لأبيهم.
خرج الإخوة ومعهم سيدنا “يوسف” عليه السلام، وذهبوا للصحراء ونفذوا بقية خطتهم الشيطانية، ألقوه في بئر لا ينقطع عنه مرور القوافل، وانتظروا في مكان بعيد يرون منه الناس ولا أحد يراهم.
ورجع الإخوة إلى أبيهم في العشاء يبكون على أخيهم “يوسف”، يروون لأبيهم أن يوسف قد أكله الذئب ونحن كنا نستبق، ولم يكتفوا بذلك فقد جاءوا على قميص سيدنا “يوسف” بدم كذب، كانوا قد لطخوه بغير إتقان، ونسوا كليا أن يمزقوه!
أدرك حينها أبوهم نبي الله “يعقوب” عليه السلام بما ظهر أمام عينيه أن ابنه “يوسف” لم يأكله الذئب، فواجه أبنائه وقال لهم: “ولكن يوسف لم يأكله الذئب، وإنما هذا أمر من نفوسكم وأنه سيصبر لله”.
مرت بهذه البئر قافلة كبيرة، وكانت في طريقها إلى مصر، فأرسلوا رجلاً منهم للبئر فأنزل الدلو فوجد الماء ثقيلاً جداً، ولما رفعه وجد سيدنا “يوسف” عليه السلام معلقا بالحبل، فقال الرجل في سعادة: يا بشرى! إنه غلام، فقد كان في هذا الوقت كل من وجد غلاما يصبح ملكا وعبدا له.
وما إن وصل مصر حتى باعه بثمن بخس في سوق العبيد، وكان فيه زاهدا، فاشتراه رجل من أهل مصر من هناك، وقال لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا، ليبدأ من هنا فصلا جديدا في حياة نبي الله “يوسف” عليه السلام.
اقرأ مزيدا من قصص الأنبياء من خلال الروابط الآتية:
قصص الأنبياء سيدنا إبراهيم ويوسف عليهما السلام
وأيضا/ قصص الأنبياء قصة سيدنا يونس عليه السلام والدروس المستفادة منها
قصص الأنبياء في رمضان قصة نبي الله إدريس عليه السلام أول من خط بالقلم