3 قصص وعبر من تراثنا الإسلامي
لابد لنا أن نعلم أن القراءة تمنحنا القدرة على الانتقال بين الكثير من العوالم بين الماضي والحاضر وأحيانا كثيرة المستقبل أيضا بسهولة ويسر.
القراءة تجعلنا نتطلع نحو المستقبل بآمال وطموحات تفوق أعمارنا بأعمار، ولا يمكننا أن نتجاوز عن أن القراءة تعتبر وسيلة فعالة للعيش في جميع العصور من خلال القراءة عنهم ومعرفة أحوالهم آنذاك؛ القراءة تعطي القارئ منا كل ما يريد على طبق من ذهب.
القصــــــــــــــــة الأولى:
من سلسلة قصص وعبر مليئة بالفائدة…
جاء في الأثر أنه في يوم من الأيام بينما كان الإمام الشافعي جالسا وسط طلابه للعلم جاءته جارية فقالت بصوت مرتفع للغاية: “أيا إمام أراك تزني بالليل وتخطب بالنهار”!
وإذا بالطلاب جميعهم ينظرون إلى الإمام الشافعي بدهشة وذهول ومنتظرين إجابة منه ورد نافي للتهمة التي ألصقتها به هذه الجارية؛ فقال الإمام الشافعي للجارية: “كم حسابك؟!”
فثار طلاب الشافعي منهم من صاح عاليا، ومنهم من قام من مقعده يريد الانصراف عن درس علمه، فقال لهم الإمام الشافعي: “فلتعتبروني كالتمر، كلوا منه الطيب وارموا منه النواة”.
ولكن طلابه لم يرتضوا منه قوله، وبينما كان اللغط قد ازداد إذا برجل جاء بينه9م مسرعا يصرخ قائلا: “أيتها الجارية إن بيتك قد نشبت فيه نيران فالتهمته وبداخله أبنائك”!
وإذا بالجارية تركض وجميع من كانوا موجودين يركضون لنجدة الأبناء وعلى رأسهم الإمام الشافعي، وحين وصولوا للمنزل المتقدة به النيران دخل الإمام الشافعي مسرعا لإنقاذ أبنائها، وبالفعل استطاع.
فقالت له الجارية وهي منكسرة حزينة: “أيها الإمام لقد سلطني اليهود عليك لأفعل ما فعلته حتى تهتز صورتك بين طلابك”.
فإذا بتلاميذه ينظرون إليه في تساؤل عن أسبابه لعدم نفي تهمة الجارية عنه، فقال لهم الإمام الشافعي: “لو أنني كنت نفيت التهمة عني لكنتم انقسمتم لفريقين، فريق لن يصدقني مهما قلت واستمر في تكذيبي، وفريق صدقني ولكنه لساوره الشك في قرارة نفسه؛ فأحببت أن أفوض أمري كله لله خالقي”.
العبرة من القصـــــــــة:
لا تبرروا أفعالكم كثيرا مهما أحسستم بالظلم والجور ومهما سمعتم من افتراء، وإنما فوضوا أموركم جميعها لله سبحانه وتعالى فإنه عليم بما خفي عن البشر.
القصـــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــة:
من قصص وعبر …
قصة عن الخليفة العادل سيدنا “عمر بن الخطاب” والذي سطر بصفاته وأفعاله أسمى معاني العدالة، ومن قصص عدله وقسطه في خلافته، أنه ذات يوم أمير جيشه كان متجهاً لغزو فارس، فأمر أحد جنوده بأن ينزل في نهر شديد البرودة حتى ينظر ويدقق طريقاً لعبور الجيش، وبعد دخول ذلك الرجل النهر بدأ بالصراخ بسبب شدة برودة النهر، ويقال أنه بات يصرخ قائلا: “يا عمراه يا عمراه” حتى مات من شدة برودة النهر.
وعندما بلغ ذلك سيدنا “عمر بن الخطاب أمر بعزل أمير الجيش في الحال.
لقد علمنا خليفة المؤمنين “عمر بن الخطاب” أن الأمن والأمان يأتيان من العدل، لذلك كان رضي الله عنه لا يأخذ جنداً لحمايته وهو خليفة المؤمنين، وأبدا لم تكن عصاه تؤدب الثائرين، ولم يكن لاسمه وقعا يربك من سمعه من الناس، فقد كان رضي الله عنه وأرضاه بسيطاً وسمحاً، وعزيزاً في جاهليته، وعظيماً في إسلامه، ولأجل ذلك كانت دولته عظيمة وأمته قوية.
أما عن إسلامنا فقد كان مزدهراً وساطعاً في عهده، ومن الجدير بذكره أنه في أحد الأيام وجده سفير أحد الدول العظمى نائماً أسفل شجرة، وقد وضع تحت رأسه نعليه دون خوف!.
فمن يحكم دولته بالعدل والقسط بين رعاياه يأمن على نفسه وينام قرير العين.
العبـــــــــــــــرة من القصــــــــــة:
لقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحث على العدل كثيرا ويبين مدى أهميته، فعن “عبد الله بن عمرو بن العاص” رضي الله عنهما قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا).. رواه مسلم.
القصـــــــــــــــــة الثالثـــــــــــــة:
عرف عن “سلمان الفارسي” ببحثه عن الحقيقة منذ صغر سنه، ومن شدة بحثه سجنه والده في بيته حباً فيه، فقد كان حينها يعتنق دين المجوسية ويزداد حرصه وبشدة لكي يبقي النار مشتعلة على الدوام، وبقي كذلك حتى ذهب ذات يوم إلى ضيعة والده وإذا به يرى كنيسة، فأعجب بما يفعله المصلون بها كثيرا وقرر أن يمكث معهم حتى نهاية اليوم.
وعندما عاد المنزل أخبر أباه بما رآه، وأخبره بأنه قرر أن يدخل دين النصارى فدينهم خير من ديننا!
فما كان من أبوه إلا أنه أوثق قدميه بالحديد وسجنه بالمنزل غير أن “سلمان” أبى أن يستسلم ومكث يبحث عن النصارى حتى عرف أنهم مسافرون الشام، فتمكن من فك وثاقه وذهب معهم إلى الشام، وهناك قابل الأُسقف في الكنيسة فخدمه “سلمان” مقابل أن يتعلم منه، وخلال ذلك اكتشف أنه كان يأخذ صدقات الناس لنفسه، وأخبر الناس بذلك بعد وفاته.
ولازال يبحث عن الحقيقة حتى قادته إلى أرض العرب لما قيل له عن رجل صالح مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام وله علامات النبوة، فأراد “سلمان” التأكد مما قيل عنه، فأخذه تجار ليوصلوه إلى أرض العرب، وباعوه هناك إلى يهودي، ومنها انتقل إلى المدينة، وبقي كذلك حتى وجد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قباء، فقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقات ووجده يعطيها لمن هو أحق بها، وتأكد من ختم النبوة.
ورأى صدقه وأمانته وعلم أنه النبي المرسل حقا فأسلم له، وأصبح “سلمان الفارسي” بطلاً من أبطال المسلمين، وقد أظهر ذكائه المتقد حينما أتى بفكرة حفر الخندق لحماية المدينة من الكفار الذين بالفعل عجزوا عن عبوره.
العبـــــرة من القصـــــــــــــــة:
إن الإسلام دين سلام وتسامح، دين الكلمة الطيبة صدقة، فالمسلم لا يمكن أن يكون ظالمًا جائرا مجرمًا معتديًا، آثمًا شريرًا جهولا متخلفًا.
إن الإسلام دين علم ونور؛ ومعرفة وحجة وتدبر وبرهان وتأمل، وتعقل وحوار، وتبيان وبلاغ.
الإسلام دين للناس كافة، ينير لمن ابتغاه سبل الهداية ليخرجه من ظلمات الجهل والحيرة إلى نور اليقين والطمأنينة، ولا دين عند الله غير الإسلام، ومن ابتغى دينا غيره فلن يقبل منه.
اقرأ أيضا مزيدا من قصص وعبر من خلال:
قصص وعبر قصيرة ولكن قوية ومفيدة ومؤثرة لن تنساها