قصص وعبر تليجرام بعنوان حكمة شاب وذكاء ابنة عمه
لابد لنا أن نعلم أن القراءة تمنحنا القدرة على الانتقال بين الكثير من العوالم بين الماضي والحاضر وأحيانا كثيرة المستقبل أيضا بسهولة ويسر.
القراءة تجعلنا نتطلع نحو المستقبل بآمال وطموحات تفوق أعمارنا بأعمار، ولا يمكننا أن نتجاوز عن أن القراءة تعتبر وسيلة فعالة للعيش في جميع العصور من خلال القراءة عنهم ومعرفة أحوالهم آنذاك؛ القراءة تعطي القارئ منا كل ما يريد على طبق من ذهب.
القصـــــــــــــــــة:
يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك ابن عم مولع بحب ابنة عمه، وقد تقدم بطلب الزواج بها من عمه، غير أن أبيها لم يوافق من الأساس، لم يوافق على زواج ابنته الوحيدة بان أخيه.
سألته ابنته عن السبب، فأخبرها قائلا: “يا ابنتي إن ابن عمكِ هذا يُقال عنه مجنون”!
فقالت الابنة: “يا أبتي لا تحكم على الناس قبل أن تعاشرهم، ما رأيك يا أبي بأن تختبره إن كان مجنونا حقا كما قيل عنه أم لا؟!”
فسألها أبوها: “وكيف لي أن أختبره؟!”
فأجابته الابنة في التو: “بأن تصحبه في سفر بعيد يا أبتي وترقب أفعاله”.
وبالفعل سافرا سويا في رحلة طويلة وشاقة بعض الشيء، وأثناء الرحلة مرا بطريقهما على زرع وأراضي خضراء شاسعة، فقال ابن الأخ: “يا زرع هلا أخبرتني أكلك الفلاح أم لا؟!”
فذهل عمه من حديثه، وبات في قرارة نفسه موقن بأن ابن أخيه مجنون لا محالة.
فأكملا طريق سفرهما، وإذا بهما يمران على مقبرة، فنظر ابن الأخ إلى أحد القبور وسأله قائلا: “أيها الميت هل مت بأكملك أم بقي نصف منك؟!”
كاد أن يجن العم بالكامل، فكيف له أن يتحدث مع ميت؟! وكيف لميت أن يموت كاملا أو يبقى منه نصفه؟!
أصابهما التعب والعناء من كثرة السير، فقال الشاب لعمه: “عمي أتحملني أم أحملك؟!”
استشاط عمه غضبا من أسئلته العجيبة والتي ضاق صدره ونفسه بها ذرعا.
وشعر الشاب بضيق صدر عمه من حديثه، فقرر الصمت واستكمال الرحلة، وبطريقهما مرا بإحدى القرى، كانا حينها يشعران بالعطش الشديد، فاستسقيا من أحد سكانها، ولما أحضر لهما الرجل لبنا أخذه الشاب وشرب على الفور، شرب أولا ومن ثم أعطى لعمه القصعة، وهذه الفعلة أغضبت عمه كثيرا، وظن فيه الأنانية وحب النفس وإيثارها، ولكن العمل كتم غيظه بداخله.
واستكملا رحلتهما، ونظرا لكونها طويلة ويسيران على أقدامهما شعرا بالظمأ الشديد، فدق الشاب اليافع أحد المنازل طلبا للماء، وبالفعل أتوا أصحاب المنزل بالماء لهما، فناول الشاب الماء لعمه ليشرب، وعندما انتهى شرب بعده.
وأخيرا وصلا إلى المدينة، فطلب الشاب من عمه أن يشتري لهما حصانا!
فصعق عمه من طلبه لأنه لا يمتلك المال، فأنى له أن يشتري حصانا؟!
وانتهت الرحلة وعادا لبلادهما، دخل الأب على ابنته وصرخ قائلا: “ألم أخبركِ بأنه مجنون؟!، لقد تأكدت من كلامي إنه مجنون يا بنيتي”
فابتسمت الابنة بهدوء وطلبت من أبيها أن يقص عليها ما حدث في الرحلة وجعله يحكم على ابنه أخيه هكذا.
فقص عليها أبوها كل ما حدث معهما،
فابتسمت الابنة وقالت لوالدها: “سأشرح لك كل شيء يا أبي..
لقد قال ابن عمي يا زرع أكلك الفلاح أم لم يأكلك؟!، وقصده يا أبتي هل تدين للعناية بك أم ليس عليك ديون؟
وما قاله للميت بالقبور، قصد به هل تركت أولادا يحملون اسمك وعملك الصالح بعد موتك أم مت كاملا دون ذرية وأعمال صالحات باقية؟
وأما يا أبتي عن قوله يا عمي تحملني أم أحملك؟! فيقصد هل تتحدث يا عمي أم أتحدث أنا لكي نخفف من تعب الطريق وطوله؟
وأما عن شربه للبن قبلك، فأراد بذلك أن يشرب اللبن الخفيف ويترك لك اللبن الطازج اللذيذ يا أبي.
على عكس الماء فأعطاك إياها أولا لأن الماء الصافي يكون بالأعلى، وهو يشرب الماء الذي فيه شوائب وأتربة.
وأما عن الحصان الذي أرادك تشتريه، فيقصد به الحذاء واحد لك وواحد له، حيث أنه من كثرة السير تآكلت الأحذية”.
فنظر إليها والدها بتعجب وفخر: “يا ابنتي لقد علمت الآن بسببكِ أن ابن أخي ليس بالمجنون مثلما ينعتونه على الدوام، لقد ارتضيت به زوجا لكِ فما رأيكِ؟”
فاحمر وجهها خجلا، وقالت: “يا أبي إنه ابن عمي، ولن أجد لي من هو خيرا منه”.
ذهب والدها لمنزل أخيه وقال لابن أخيه: “لقد وافقت على طلبك يا بني، ولن أجد زوجا خيرا منك لابنتي الوحيدة”.
فسر الشاب كثيرا وتهللت أساريره، وقال لعمه: “يا عمي لا تحكم يوما على الأشخاص من مظاهرهم وحسب، فالمظاهر دوما خداعة يا عمي”.
للمزيـــــــــــــد من قصص وعبر يمكننا من خلال:
قصص وعبر حكم وأمثال قديمة فيها حكمة وذكاء
وأيضا/ قصص وعبر بعنوان خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
قصص وعبر من التاريخ الإسلامي في طياتها الكثير من العلم والفائدة











