قصص أطفال

قصة الألوان المغرورة للكاتبة رفاس فتيحة

يحكى أن الأقلام الملونة إغترت بنفسها ذات يوم، وأخذ كل قلم يتباهى ويذكر مزاياه وأنه الأفضل بين الجميع، ماعدا اللون الأسود ، ظل صامتاً لأن الرسام الصغير لم يكن يستعمله إلا نادراً ، فإستكبرت الأقلام الملونة على القلم الأسود وقالت بغرور شديد:

أنت لا تستحق أن تكون معنا في علبة الألوان لأنك غير محبب، فالرسام الصغير قام بتلوين لوحته الجديدة مستعملاً جميع الألوان ماعدا لون واحد وهو أنت، فلم يجد لك مكاناً داخل منظر طبيعي خلاب .

كتم القلم الأسود غضبه ورد بكل ثقة: إن الرسامين المشهورين لطالم كانوا يستعملونني في لوحاتحم للرسم والتلوين في نفس الوقت، ولم يحتاجوا للألوان الأخرى، ونالت لوحاتهم شهرة كبيرة ، فهل منكم من حصل له هذا الشرف ، لا أحد.

هدات الأقلام الملونة قليلاً ومالبثت أن عادت تحصي عيوب القلم الأسود وتمادت في التصغير من دوره حتى جعلت منه لا شيء يذكر ولا قيمة لوجوده قائلة:

وماذا عن المناظر الطبيعية الجميلة ، هل ستلون الأشجار أم الأزهار، أم السماء أو البحار ، هيا إعترف أن الرسام الصغير لا يحتاجك إلا لتلوين الأشياء القبيحة فقط، أنت ترمز للظلام والكأبة ليس إلا .

إنفجر القلم الأسود قائلا: ويحكم هل أرمز للقبح فقط ستدفعون ثمن إهانتكم لي ، وراح يركض فوق اللوحة الفنية يلونها بالأسود ، فأتى على الأعشاب والأزهار وكلما يعترض طريقه، ولم يكتفي بذلك بل أطفأ نور الشمس ولون قرصها بالأسود، فأظلمت السماء وكأنما غشيها الليل المظلمة، وإلتفت إلى الأقلام:

لقد حان عصر الظلام سأجعل العالم كله سواد مثل هذه اللوحة، وسأنثر حبري فوقكم فتمتزج ألوانكم الزاهية بحبري ولن يتمكن أحد من التمييز بين أخضر وأزرق، ولا بين أصفر وأحمر.

وإنطلق يركض وراء الأقلام في كل إتجاه ، وهم يختبئون مرعوبين بين الرفوف وتحت السجاد، وهو يتوعدهم بأشد العقاب.

وفجاة دخل الرسام الصغير فهدأ كل شيء ، ورأى ما حصل للوحته الجميلة ، والأقلام متناثرة هنا وهناك، فشعر بأن هناك خطب ما ، ولأنه مرهف الإحساس أخذ القلم الأسود وقال:

أنت عزيز علي أيها القلم الجميل ألم أجعلك على رؤوس الناس، ألون شعرهم الأسود البراق ، ألم ألون بك سواد أعيونهم  وحمله بكل لطف، وأعاد رسم لوحته بالأسود فقط ، كما أنه أضاف الظلال للأشجار والأزهار، وجمع الأقلام كلها داخل العلبة وإنصرف.

ندمت الأقلام الملونة عند سماع ذلك الإطراء الجميل وصارحت القلم الأسود قائلة:

إنه من الغباء إحتقار الآخرين والتقليل من قيمتهم
نرجوك أن تقبل إعتذارنا.

إبتسم القلم الأسود وقد عادت إليه ثقته بنفسه
وقبل إعتذارهم وطلب منهم أن يتقدموا ويلونوا اللوحة
على شرط أن يحافظوا على الظلال، وافقت الألوان لأنها
زادت اللوحة جمال، وأشرقت الشمس وأطلقت أشعتها الصفراء على العشب الأخضر وتفتحت الأزهار الحمراء، وإزدانت الفراشات بكل الألوان وعاد كل شيء كما كان.

Mohamed Uonis

أعمل كمختص محركات بحث للموقع، والملك الاصلي واقوم بمتابعة كافة الالتزامات الخاصة بمؤلفي القصص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى