قصص قصيرة

قصص صداقة واقعية حزينة بعنوان “ولا تحزن يا قلبي” الجزء الثاني والأخير

قصص صداقة واقعية حزينة

حياتنا مليئة بالمواقف التي تجعل كل منا يعيد حساباته، تقابل أحيانا موقف من شخص عزيز عليك من كثرة ما أوجع قلبك يجعلك تقلب في دفاترك كلها ويجعلك أيضا تقدم على اتخاذ قرارات مصيرية تغير حياتك ودائما يكون التغيير للأفضل.

 من قصص صداقة واقعية حزينة:

شاب حزين يقف في مياه البحر مهموما.
شاب حزين يقف في مياه البحر مهموما.

ولا تحزن يا قلبي الجزء الثاني والأخير

واسني والدي وأقنعني بأنه مجرد ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، أخذ علي عهدا أنه كلما ساءت حالتي تقربت من الله وغسلت كامل همي وحزني بين يديه، بكل صراحة لم أجد مكانا أشعر فيه بكل راحة واطمئنان إلا بالمسجد، كنت أنتظر الصلاة بعد الصلاة، حفظت القرآن كاملا مع إمام المسجد الذي وجدني له متقنا وصوتي به عذبا فقرر أن يلحقني بمسابقة وزارة الأوقاف والتي بتوفيق الله وحده سبحانه وتعالى حصلت فيها على المركز الأول.

بدأ عام دراسي جديد عدت فيه الثانوية العامة لم أتطرق يوما للسؤال عنه ولكن شيئا ما بداخلي يميل دوما لمعرفة أخباره والاطمئنان عليه؛ بيوم من الأيام بالصباح الباكر كنت ذاهبا للمدرسة فوجدته على الطريق ينتظر سيارة مستعدا للذهاب إلى جامعته بملابس جديدة ما أجملها وحقيبة سفر، تمنيت أن أهنئه وأواسيه على عدم التحاقه بالكلية التي أرادها طيلة حياته، ولكنه لم يعطني حتى الفرصة يا لتغير النفوس البشرية، لا أجد كلاما يصف حالتي حينها، تذكرت العهد الذي أخذه علي والدي فذهبت مسرعا إلى مصلى المدرسة وتوضأت وصليت حتى رن الجرس معلنا عن الطابور الصباحي، عزمت على حصولي على أعلى الدرجات ومضاعفة مجهودي لأثبت للعالم أجمع أنني لست بفاشل وأنني بقدرة الله وحده قادر على تحقيق حلم عمري، أثبتها أول مرة حينما حفظت القرآن كاملا في فترة وجيزة للغاية، والمسابقة التي صنفت فيها صاحب المركز الأول.

اجتهدت أكثر من العام السابق ودائما ما كنت حريصا على استغلال كل ثانية بوقتي، لا أضيع وقتي في أي شيء إلا وإن كان مفيدا، مر العام سريعا ولم أشعر به على الإطلاق، وجاء وقت الامتحانات من جديد، وعلى الرغم من شكوى جميع الطلبة منها إلا أنني وجدتها في غاية السلاسة واليسر، اجتزتها كاملة وتعلمت من ماضيي كل العبر، فلم أساعد أحد بالامتحان وخاصة أنني أعلم أن الغش قد حرمه الله سبحانه وتعالى حتى لا يتساوى من سهر الليالي مذاكرا لدروسه ومن سهرها متلاعبا.

وجاءت اللحظة الفارقة في حياتي، جلست بجانب والدي نتصفح موقع الوزارة التعليمي لمعرفة نتيجتي، وكانت الفرحة التي عوضني بها خالقي عن كل الظلم الذي رأيته في الفترة الأخيرة، لقد حصلت على المركز الأول على الجمهورية كاملة، ومن ثم تم منحي بعثة للدراسة خارج البلاد، قصيت سنوات التعليم خارج البلاد بإحدى الدول الأجنبية، ولم أعد يوما للوطن، كنت أجد حاجتي الشديدة للدراسة الجادة أيام الدراسة وللعمل الجاد أيضا بأيام الإجازات، وهكذا سارت حياتي.

وبعد انقضاء خمسة أعوام وحصولي على شهادتي بأعلى التقادير الممكنة عدت لأرض الوطن التي كم اشتقت إليها، اشتقت لحضن والدتي وخوفها علي، كما اشتقت لنصح والدي الدائم وتوجيهه وأحيانا كثيرة غضبه، اشتقت لشقاوة إخوتي الصغار، اشتقت للدفء والاطمئنان والسكينة الموجودين بكل ركن وزاوية في المسجد، اشتقت لانتظار الصلاة بعد الصلاة، اشتقت للألفة الموجودة بين الجيران بعضهم بعضا، اشتقت لكل قلب همه الأول والأخير علي وعلى مصلحتي.

وما إن وطئت قدماي منزلنا حتى امتلأ علينا بالأهل والأقارب والجيران إذ أنني عدت قبيل الفجر، ومعظمهم كانوا نيام، لم تكد والدتي من فتحت لي الباب أن تصدق عودتي ورجوعي إلى حضنها من جديد بعد أيام طوال، والدي كان يستعد حينها لصلاة الفجر حاضرا بالمسجد، بعدما أطفئت نيران الشوق والحنين ذهبنا للفجر سويا مع والدي، وجلسنا به حتى أشرقت الشمس وعبأت الأرجاء بدفء أشعتها، كم اشتقت إليها أيضا بأشعتها الذهبية الخفيفة التي تنساب وتعمر الكون بكامل الدفء.

وبعد مرور بضعة أيام على عودتي رأيت صديق عمري القديم وقد تخصص في زراعة أرض والده، رأيته يمسك فأسا بيده ويبدو على وجهه الامتعاض الشديد، سألت والدي عن حاله وكانت أول مرة أطاوع فيها قلبي، فأجابني أبتي قائلا: “يا بني لقد التحق بكلية الصيدلة ولكنها كانت خاصة، التحق بها بأموال والده، هذا ما علمناه فيما بعد، وذات يوم ذهب والده لرؤيته فخجل من والده ومن ملابسه، فأخبر زملائه بالجامعة أنه الجنايني المسئول عن زراعة وري بستان منزلهم الفره، لم يتحمل والده الصدمة فسقط حينها طريحا على الأرض، قاموا ببيع كل أرضه من أجل معالجته ولكن دون فائدة، أما عن صديقك القديم فلم يفلح في دراسته، وكأنه اوكل لمكان ليس بمكانه، وما جعله يتركها أنه ضبط يغش أثناء الامتحانات، فضاع مستقبله كاملا”.

سبحان الله العظيم لا يضيع عمل عامل ولا يضيع حق عبد من عباده.

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

قصص صداقة واقعية حزينة بعنوان “ولا تحزن يا قلبي” الجزء الأول

4 قصص وعبر عن الصداقة والوفاء

قصص قصيرة عن الصداقة والوفاء والاخلاص بين الاصدقاء إلي آخر نفس

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى