قصص الأنبياء بعنوان نبي الله صالح عليه السلام والناقة الكنز
إن في ذكر الأقوام السابقة وعبرة وعظة لنا ولكل من يعتبر، علاوة على أن قصص الأنبياء لها فوائد عظيمة في معرفة الأقوام السابقة لأنها جمعت كل أخبارهم؛ وفي هذه القصص بين الله سبحانه وتعالى صدق دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لما ذكر تفاصيل لم تذكر في الكتب السابقة من قبل.
قصـــــــــة نبي الله صالح عليه السلام والنّاقة الكنز (حكاية من أرض ثمود):
يا صغيري تخيل معي مكانًا عجيبًا اسمه “الحِجر” أو “مدائن صالح”.
مكان به أناس بيوتهم ليست من طين أو خشب، ولكنها منحوتة بمهارة خارقة في الجبال الصخرية الضخمة!
كان أهل هذه المدينة التي تتخيلها معي ، واسمهم قوم “ثمود”، أقوياء للغاية، ويملكون أموالاً كثيرة، ويعيشون في رفاهية منقطعة النظير.
ومع كل هذه النعم التي ذكرناها، نسيوا شيئًا مهمًا: نسوا تماما مَن الذي أعطاهم كل هذه النعم التي يتمناها أي امرئ بالحياة؟، نسوا لدرجة أنهم بدأوا يعبدون أصنامًا صنعوها بأيديهم، بدلاً من عبادة الله الواحد الذي خلق الجبال ونحتها!
نبي الله صالح عليه السلام والرسالة:
في وسط ثمود عاش رجل صالح، عُرف بكونه حكيما كان اسمه صالح بن عابر (عليه السلام)، وكان جميع قومه يحبونه ويحترمونه، لقد اصطفاه الله سبحانه وتعالى ليكون رسوله ونبيه.
ولك أن تتخيل يا صغيري في مشهد مهيب كان يقف النبي صالح عليه السلام على صخرة عالية، والشمس تشرق خلفه، وينادي بصوت هادئ ومؤثر:
يا قومي، اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، انظروا إلى هذه الجبال التي تنحتونها وتتخذون منها بيوتا فارهين، أليس خالقها أعظم من أصنام لا تتكلم ولا تسمع؟!
فرد عليه كبار قوم ثمود بغرور: “يا صالح، لقد كنت قبل هذا فينا مرجوًّا، لقد كنّا نأمل فيك الخير الكثير! أتريدنا أنت أن نترك عبادة آبائنا وأجدادنا؟ ونؤمن بك وبما تقول؟!”
التحدي ومعجزة الناقة:
طلب قوم ثمود من نبي الله صالح دليلاً خارقًا لا يستطيع البشر فعله ليُثبت أنه رسول من عند الله كما يقول ويدعي، فقالوا له: “يا صالح، أرنا آية!، لن نؤمن لك حتى ترنا آية، أخرج لنا من هذه الصخرة الصماء الضخمة (قد وأشاروا بالفعل إلى صخرة عظيمة في الجبل) ناقة عظيمة، حاملاً، ولونها كذا وكذا، فإن فعلت فإنا سنؤمن بك وبما تقول”
وقف نبي الله صالح عليه السلام ورفع يديه إلى السماء ودعا الله سبحانه وتعالى، وفجأة، اهتزت الصخرة الكبيرة التي أشاروا إليها اهتزازًا مدويا، ثم انشقت ببطء! لم يخرج منها صوت أو نار، ولكن خرجت من قلب الصخرة العظيمة ناقة عظيمة، ناقة ضخمة، ناقة بجمال لم يروا مثله من قبل على الإطلاق!
كانت هذه الناقة بمثابة المعجزة الحقيقية من الله سبحانه وتعالى لقوم ثمود، ناقة لم تولد من أب وأم، بل خرجت من قلب الجبل الصخري! سماها الله بنفسه جل في علاه: “ناقة الله”.
اختبار الناقة العظيم:
جاء أمر الله تعالى لقوم ثمود ألا يمسّها أحد بسوء أبدًا، وأن الناقة تشرب ماء البئر يومًا كاملاً، وفي اليوم التالي، يشرب أهل ثمود جميعهم من البئر، وكان هذا الأمر بمثابة اختبار عظيم لمدى صبرهم وتواضعهم.
وفي اليوم الذي كانت تشرب فيه الناقة من البئر، كانت تدر حليبًا كثيرًا يكفي القوم أجمعين.
وبهذه الطريقة عاشت الناقة بينهم، وقد كانت معجزة وآية واضحة للجميع.
مؤامرة وعقاب إلهي:
مرت الأيام، ولكن الغرور والكبر ملأ قلوب الكافرين من قوم ثمود، لم يكونوا يتحملون أن يشاركهم مخلوق أقل منهم الماء يومًا كاملاً، حتى وإن كانوا يأخذون في المقابل حليبها الوفير!
فكانت النتيجة أن اجتمع تسعة من الأشقياء، وتآمروا على قتل الناقة.
تخيل معي يا صغيري المشهد الحزين في يوم غفلة، ترصدوا التسعة للناقة وهي تشرب الماء، فطعنوها بالسيف طعنة قضت عليها في الحال، لقد عصوا أمر الله!
أتاهم النبي صالح وكان حزين جدًا وقال لهم: “تمتعوا في دياركم ثلاثة أيام، ووعد الله غير مكذوب”
العقــــــــــاب:
حاول الكافرون قتل النبي صالح أيضًا، لكن الله نجاه هو ومن آمن معه، وبعد ثلاثة أيام، بدأ العذاب الرهيب…
ففي اليوم الأول باتت وجوههم صفراء، وباليوم الثاني باتت وجوههم حمراء، وباليوم الثالث باتت وجوههم سوداء وقد كانت هذه العلامة الموعودة على مصيرهم المحتوم.
وكان اليوم الرابع في فجره تحديدا أتتهم صيحة واحدة من السماء قوية ومزلزلة، صيحة دمرت كل شيء أتت عليه.
ترك نبي الله صالح وكل من آمن معه تلك الديار الظالم أهلها، وقال وهو ينظر إلى بيوتهم الخاوية: “يا قومي.. لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، ولكنكم لا تحبون الناصحين”.
اقرأ مزيدا من قصص الأنبياء من خلال:
قصص الأنبياء بعنوان نبي الله إبراهيم عليه السلام (خليل الرحمن)
وأيضا/ قصص الأنبياء بعنوان ملخص قصة نبي الله “لوط” عليه السلام











