قصص وعبر

قصص وعبر بعنوان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه

أيها السادة… إن من أروع القصص التي من الممكن قراءتها بيوم من الأيام هي قصص وعبر، فعلى الرغم من صغر قصص وعبر إلا إن كل قصة منها تحمل معاني سامية، تحمل أنباء أقوام سبقونا ولكن استطاعوا أن يحملوا إلينا عبرا ولا أقيم وأروع منها.

بكل قصة من قصص وعبر تجد متعة لا متناهية تجد وصفا لأحداث وتجد أهم من كل ذلك الفائدة الجمة التي لو عملت بما جاء بها لفلحت وفزت فوزا عظيما.

القصــــــــــــــــــــــــــــــة:

تعتبر القصة الأجمل على الإطلاق من بين قصص وعبر، قصة تحمل في طياتها أجمل المعاني والحقائق التي تجعلك لا تعمل إلا للآخرة، تحمل شعار العيش عيش الآخرة طوال ما حييت، قصة تسرد على لسان صاحبها….

لم أكن لأتصور بيوم من الأيام أن شهادة وفاة مالك الشركة التي عملت بها طوال الثلاثين عامًا الماضية من حياتي هي بمثابة شهادة وفاتي أنا أيضًا!

فبعد وفاته تولَّى ابنه مقاليد إدارة الشركة، ولكم أن تتصوروا أن أولى قراراته كانت التخلص مني بأسوأ الطرق الممكنة على الإطلاق، بعد خدمة مقدارها ثلاثين عاما تم الإطاحة بي دون أي حقوق وكأني شيئا غير مذكورا!

ابن مالك الشركة فهو لم ينسَ موقف قديم كان بيننا في حياة والده، لم ينسَ لي حين اكتشفت تحويله أموالًا من حسابات الشركة إلى حسابه الخاص دون علم أبيه، فور اكتشافي ذلك وطلب مني عدم إخبار والده، إلا إنني ما استطعت فأنا مسئول أمام الله سبحانه وتعالى، فخشيت أن أضيع الأمانة وأعملته بالأمر.

وها أنا اليوم أدفع ثمن أمانتي!

لقد ضاقت بي الأرض بما رحبت، ماذا أفعل الآن؟!

لقد تحولت مشكلتي من شح في المال أواخر الشهر، لعدم وجود المال من الأساس!، وها أنا في آخر الشهر، ولن يختلف البتة عن أول الشهر القادم؛ أعجز عن التفكير فولدي الكبير في كلية الطب، يحتاج إلى مراجع باهظة الثمن ووعدته في أول الشهر أن أعط

يه كل ما يحتاج إليه؛ وابنتي تحتاج ملابس جديدة للشتاء ووعدتها أيضا في أول الشهر، أما عن ابني الصغير فإنه بالثانوية العامة ودروسه الخاصة تدفع كل أول الشهر، كل هذه الحسابات بخلال فواتير الماء والكهرباء والبقال وغيرهم من الالتزامات الأخرى.

يا الله.. لقد نسيت تمما حساب الصيدلية، دوائي ودواء زوجتي لقد أصبحت الآن بلا تأمين صحي!

ماذا إذا مرض أحد الأبناء؟!، ماذا يتوجب علي أن أفعل حينها؟!

أهذا ثمن خدمة السنين بأمانة وإخلاص، أهكذا يعاملني بعد أن شاب الشعر وخارت القوى أعود لنقطة الصفر من جديد؟!

يومها لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقف أمام البنك، إنه نفس البنك الذي وضع فيه مالك الشركة أكثر من مائة ألف جنيه، وضعهم باسمي خارج حسابات الشركة لأصرف منها على بعض أموره حين غيابه رغبة في سراء مصالحه مثلما يريد ومنعا لأي تعطيل وثقة بي.

هذا ثمن الغدر، إن هذا المال اليوم حقي وحق أولادي، حق خدمة ثلاثين عاما مضت من عمري بكل تفاني وإخلاص، أراد القدر ذلك فلتكن مشيئته سارية!

لقد صرفت المال من البنك وانصرفت، صرت أتجول في الشوارع ولا أدري إلا شيئا واحدا، هذا المال بمثابة تذكرة الأمان لعائلتي؛ ولكني وبالرغم من وجود المال بين يدي إلا إنني كنت أشعر بالحزن الشديد.

لقد بت خائنًا ولصًّا، بات رأسي محنيٌّ من الخزي والعار، إنني لم ولن أكون ذلك الرجل الملوَّث في آخر أيامه حتى وإن ظلمني ابن مالك العمل، لن تخور عزتي بشرفي ولو أكلنا الخبز الحاف من كد يدي وعرق جبيني، فالخبز اليابس والله خير لنا من أكل ما لذ وطاب من إثمي وسوء عملي.

أنهيت كلماتي مع نفسي وأنا أقف أمام باب الشركة، دخلت في الحال لقد خشيت أن تخور إرادتي وأضعف لنفسي الأمارة بالسوء مجدد، كان علي أن اتجه إلى من ظلمني، دخلت مكتبه دون أن استأذن، وجدته جالسًا والدهشة تملأ وجهه وهو يمسك بورقة في يده كان يقرأها حينها، لقد علمت فيما بعد أنها من والده له، وضعت المال أمامه في هدوء تام، وحكيت قصة المال كاملة والدهشة كانت تزداد على وجهه، كانت عيناه حائرتين بين المال وبين الورقة التي في يده، ولم أدري لماذا؟

أسرعت بالخروج، كنت حينها أشعر بالفخر بنفسي وأنني هزمت شيطاني ونفسي الأمارة بالسوء، ولكن لا يزال الحزن يسيطر على قلبي، وأطياف أبنائي تهيم بي وهم في انتظاري

عند أول الشهر يمدون أيديهم لي ليأخذوا ما يريدون.

وبينما أسير بخطوات متثاقلة من شدة الحزن الذي ألم بقلبي، استوقفني نداء ابن مالك العمل يطلب مني الانتظار، التفتُّ إليه لأتفاجأ بوجه مبتسم، ويعطيني نفس الورقة التي كانت بيده حين دخولي عليه، فأقرأها لأجد بها…

بني العزيز…

أعلم أن أولى قراراتك هي طرد عمك من العمل

فأنت تكرهُه وبشدة منذ أن أفشى سرَّك لي، وكان الأجدر بك أن تكن له كل الاحترام والتقدير لأمانته، أريدك أن تعلم تمام العلم يا صغيري أنك إن فعلت ذلك فأنت حينها الخاسر.

إن لم يعد إليك مرة أخرى, ولكن إن عاد وهذا ظني به

فسوف يعود ليعطيك درسًا قاسيًا؛ حينها أعطِه هذا الشيك المرفق بالوصية واعلم إنه كان رفيق دربي وكفاحي لنصنع لك هذه الشركة الكبيرة.

حينها ما شعرت بنفسي إلا والدموع تغرق وجهي بالكامل، تقدم ابنه مني واحتضنني بقوة وصار يعتذر لي على ظلمه الذي لحق بي انتقاما من فعلتي معه آنفا، وأعطاني الشيك.

الشيك الذي فوجئت بأنه أضعاف ما راودتني نفسي أن اختلسه، إن المبلغ المحرر في الشيك يكفيني ما يمكنني أن أكمل باقي عمري في عزة وأوَدِّع أيام آخر الشهر للأبد.

للمزيد من قصص وعبر يمكننا من خلال:

قصص وعبر بعنوان رسالة محكوم عليه بالإعدام لوالدته

وأيضا/ قصص وعبر بعنوان ستغير وجهتك بالحياة بأكملها لا تفوتها!

قصص وعبر بعنوان ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى