قصص وعبر

قصص وعبر بعنوان رسالة محكوم عليه بالإعدام لوالدته

إن الإنسان يتأثر بمن حوله، فمن وُجد في بيئة صالحةٍ طيبةٍ فإن الغالب أن يُرجى له الخير والصلاح، بكل تأكيد متأثرًا بهذه البيئة، وعلينا أن نعلم أن الصاحب ساحب، والطباع سرَّاقة، وهذا هو الغالب من أحوال كل الناس، ولكن مع هذا قد يخرج خلاف هذا الغالب، فقد نجد أنه من الممكن أن ينشأ الإنسان في بيئة صالحة طيبة ويكونُ إنسانًا فاسدًا، ولا أدلَّ على ذلك ممَّا نقرأه في القرآن الكريم من قصة سيدنا نوح عليه السلام مع ابنه، ونقرأ أيضًا في القرآن الكريم قصص بعض أزواج الأنبياء عليهم السلام، قال تعالى في كتابه العزيز في سورة التحريم: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).

وعلينا أن نعلم ونوقن بأن الهداية بيد الله تعالى، وليست إرثًا يتوارثه الناس، وليست عطاءً من الأبِ لابنه، ولا من الولد لأبيه، وإنما هي محض فضل الله تعالى ومنة منه، يضعها حيث يعلم سبحانه وتعالى صلاحية المكان لها.

                      القصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:

انقضت ساعات قليلة في زنزانته وهو ينتظر إعدامه، وقبيل تنفيذ حكم الإعدام فيه سألوه عن أمنيته الأخيرة ، وإذا به يطلب قلم وورقة ومكث عدة دقائق وهو يكتب شيء ما، ومن بعدها طلب تسليم الوصيّة التي قام بكتابتها أو الرسالة إلى والدته، فكان قد كتب في الرسالة :

أمي…

أعتقد أنه لو كان هناك عدل حقيقي في هذا العالم سنعدم أنا وأنتِ سويا في نفس اللحظة، أمي أنتِ مذنبة مثلي في حياتي البائسة!

هل تتذكرين اليوم الذي أخذت فيه تلك الدراجة وعدت بها إلى المنزل، تلك الدراجة حمراء اللون التي سرقتها من طفل آخر مثلي؟

ما إن دخلت عليكِ حتى ساعدتني في إخفائها لكيلا يكتشف أحد أمري!، ولا أحد يجرؤ على اكتشاف أمر الدراجة وأخذها مني!

حسنا، هل تتذكرين عندما سرقت المال من منزل الجيران؟

ما إن أتيت إليكِ بالمال حتى ذهبتِ معي إلى المركز التجاري ولم نعد للمنزل إلا ونحن أنفقنا المال المسروق كاملا، أعلمتكِ يومها بأنني سرقته من جيراننا ولم تخبريني وقتها بأنّ هذا تصرف غير مقبول.

هل تتذكرين يا أمي عندما طردني الأستاذ من الصف لكثرة غيابي ولكثرة مشاكلي ولعدم أدائي أي من واجباتي الدراسية على الإطلاق!

أمي إنكِ لم تساعديني في حل مشكلتي أبداً، ولم تضربي على يدي يوما لأترك هذه الخصال سيئة الطباع، ولكنكِ كنت دوما تفعلين العكس، ما يزيد من حدة الأمر سوء، أتتذكرين ماذا فعلتِ يومها، إنني أتذكرها جيدا على الرغم من صغر عمري حينها، لقد ذهبتِ إلى المدرسة وقمتِ بتوبيخ المعلم لأنه طردني من الصف دون توجيه أصابع الاتهام لي، ولا نهري عن التقصير في فروضي الدراسية، وبختي معلمي على الرغم من أنّ المذنب في القصة بأكملها كان أنا!

أمي هل ما زلتِ تذكرين حينما كنت أتأخر بالسهر ليلا، ولم أعد أدرس بالمدرسة، إنكِ لم تسأليني مرة ولو حتى سؤال واحد عن سر ذلك، لم تسأليني عن غيابي الدائم ولا عن مستقبلي الدراسي ولا حتى عن المكان الذي أسهر فيه واعتدت على التردد عليه، إنكِ لم تسأليني يوما عن أصدقائي أكانوا صالحين أم أصدقاء سوء، لم يعنيكِ الأمر في شيء من الأساس!

أمي… لقد كنت مجرد طفل حينها، كان من السهل واليسير أن ترجعيني من هذا الأمر بأكمله، ومن بعدها صرت مراهقًا وكان أيضا من المقدور عليه إعادتي لطريق الرشد والصواب، وها أنا الآن أصبحت رجلًا ضعيفًا!

أمي.. لقد كنت مجرد طفل بريء أحتاج إلى التصحيح بعد وفاة والدي وليس إلى الموافقة في كل شيء والتدليل، لم يكن ليضرني أو يقتلني إن نهرت عن أفعالي السيئة، وما كنت لأموت لو نهرتِ في وجهي بكلمة لا، لن أقتل حالي إن أمرتني وأصررتِ علي بالالتزام بالذهاب إلى مدرستي، ما كان ليضرني كل ذلك.

أمي.. إنني ابنك المدلل نفس الذي كان ينبغي عليكِ أن تصوبي لي أخطائي لكي أسير في الطريق الصحيح لا لكي أنشأ على الخطأ وأرتكب أخطاء أكبر من ذلك.

أتذكر جيدا أنكِ على الدوام كل ما كنتِ تقولينه لي: “بني افعل ما شئت فأنت ابني المدلل وأنا سندك”، نعم لقد كنتِ لي أفضل سند، نعم كنت معي ولكن مع كل الأخطاء التي ارتكبتها، لم تكوني معي مرة واحدة في الصواب، والآن أنا أسامحكِ يا أمي ولكن أطلب منك أن ترسلي هذا الانعكاس لكل أولياء الأمور في المجتمع ليعلموا أنهم الوحيدون المسؤولون عن تكوين رجل محترم يا إما مجرم فاحش!

شكرًا لكِ يا أمي لأنكِ منحتني الحياة، كما أشكركِ أيضا على أنكِ ساعدتني على فقدانها!

أمي لا تنسني من دعائك، فاليوم سأفارق الحياة، ابنكِ الذي كان ينتظر منكِ مجرد تصحيح أفعاله!

اقرا مزيدا من قصص وعبر من خلال:

قصص وعبر بعنوان ستغير وجهتك بالحياة بأكملها لا تفوتها!

وأيضا/ قصص وعبر بعنوان ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون

قصص وعبر قصيرة ولكن قوية ومفيدة ومؤثرة لن تنساها

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى