قصص جن بعنوان فضول سبب في المهالك للجميع
هناك من بيننا أناس ربما كادوا يدفعون حياتهم كاملة ثمنا بسبب اندفاع أحد أبنائهم خلف فضوله وراء كل ما يتعلق بأمور الجن والمردة والشياطين، ومن المتعارف عليه لنا جميعا أن الفضول لم يمثل يوما أي خطر ولكن اتخاذ الإجراءات وخطوات واضحة لتغذية هذا الفضول كانت على الدوام الخطر بعينه ولاسيما عندما نقتاد خلف أمور نجهلها كليا، وهذا ما حدث بقصتنا هذه.
قصة مرعبة بكل ما تحويه الكلمة من معنى ومليئة بالعبر لما جاء بها من تجارب مريرة لمن مروا بهذه التجربة القاسية.
القصـــــــــــــــــــــــة:
بقيت محتفظا بالكتاب الغامض الذي بعث إلي من حيث لا أعلم لبضعة أيام دون أن أنفذ حرفا مما ذكر فيه حتى جاءت فرصتي على طبق من ذهب، أحد أقاربنا دعانا جميعا لحفل زفافه، وبالتأكيد المنزل بأكمله سيلبي الدعوة بما فيهم أنا، ادعيت أنني مريض ولا أقوى على الذهاب، ذهبوا جميعا وتركوني ولم أبدد ثانية واحدة بعيدا عن كتابي الحبيب!
وكان مرادي باب كيفية تحضير الجن فمن المؤكد أنني أحتاج إلى ملك من ملوكهم لينفذ لي كل ما أمليه علي دون أن يناقشني به، وكان من الشروط أن تطفأ كل أنوار المكان وتأتي بشمعة وتشعلها وتكمل الطقوس عليها كاملة وتنتظر الإشارة، وكانت الطقوس أن تكون في مكان مغلق لا يدخله هواء فسارعت بغلق كافة النوافذ وأوصدت الباب بإحكام، وأن أنقل على ورقة بيضاء طلسم معين بحبر أحمركما موجود بالكتاب، وأن أجعل الورقة أسفل الشمعة وأنتظر الإشارة.
وكان الطلسم نفسه عبارة عن نجمة كبيرة (نجمة داوود) بداخلها مثلث متوسط الحجم وبداخله عين علاوة على الرموز الغريبة والأرقام التي لم أفهمها من الأساس ولكني قمت بنقلها كما هي، وانتظرت الإشارة لوكن لم يحدث أي شيء على الإطلاق!
وضعت يدي على خدي في انتظار حدوث أي شيء، فقد شعرت حينها بإحباط بالغ، فكل الحماس الذي كنت مفعما به والسعادة التي كانت تغمرني وانتظاري لأي فرصة سانحة تمكنني من تحقيق مرادي، وإصراري الشديد على تنفيذ أدق التفاصيل بتمعن، كل ذلك قد ذهب سدى؛ وبينما كنت جالسا على هذه الهيئة سمعت صوتا قادما من المطبخ فتذكرت حينها أنني كنت أريد أن أعد لنفسي كوبا من القهوة الساخنة على الطريقة الفرنسية، وتذكرت أنني قد تركت الحليب على الشعلة الصغيرة للبوتاجاز، وقد غلى الحليب وانسكب كاملا.
فسارعت بتنظيف ما أفسدته بغبائي خشية رد فعل والدتي بكل تأكيد، وما إن أنهت عدت لمكاني السابق لأنتظر الإشارة، أترون مدى إصراري؟!
ولكني لاحظت أن الشمعة قد انطفأت!، فكرت قليلا وقلت في نفسي ربما أطفأها بعض الهواء فأشعلتها من جديد وقمت بإعادة الطقوس كاملة من جديد لأنتظر الإشارة المذكورة بالكتاب لبيان نجاحي فيما فعلت؛ وما إن أنهيتها وهيأت نفسي وكامل تركيزي لاستدراك الإشارة إذا بباب المنزل يُطرق!
تعجبت كثيرا من الطارق؟!، فكل أهلي بحفل الزفاف فمن سيأتينا الآن؟!، لم أجد أمامي خيارا غير أني أفتح الباب وكانت الصدمة الطامة بالنسبة لي، لقد وجدت أمي وأبي وإخوتي هم من كانوا يطرقون الباب، وكيف يعقل هذا وقد ذهبوا لتوهم لحفل الزفاف؟!
سألت أخي حازم على الفور: “لماذا عدتم باكرا؟!، هل تعاركتم أم أن حفل الزفاف قد ألغي؟!”
كان أخي بالكاد يتنفس الصعداء بفعل السلالم الطويلة فقال لي متنهدا: “ما بك يا أحمد؟!، هل غفوت رغما عنك وأفقت من غفلتك الآن، انظر للساعة الآن وبعدها تحدث”.
كنت حينها أضحك عليه وعلى ردة فعله، وبينما أغلق الباب ورائهم وضحكاتي مستمرة إذا بعيني تقع على الساعة حينها فأراها الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل!
أردت حينها أن أكمل الحديث مع “حازم” فعقلي لا يتقبل ما يحدث معي، ربما يخبرني بشيء أطمئن به قليلا، ولكني وجدته اتجه على الفور لغرفة نومه ووضع جسده على السرير وغفى، وكان حاله حال بقية أفراد أسرتي؛ لم أستطع التحكم في نفسي ولا إقلاعها عن حالة الاستغراب والتعجب التي تملكتني كليا، كيف لا وأهلي قد ذهبوا للزفاف في تمام الساعة الثامنة مساءً، وطوال ما كنت أفعله كنت أسمع دقات عقارب الساعة، كيف كل هذا الوقت لم أشعر به؟! إنها أربعة ساعات ونصف ليست بالأمر الهين على الإطلاق، ربما تكون هذه الإشارة التي ذكرت في الكتاب؟!
كدت أشعر بالجنون من كثرة التفكير في الأمر والتحليل الذي لا ينتهي، دعوا أنفسكم مكاني واحكموا، لقد ذهبوا جميعا وأوصدت الباب خلفهم وكانت الساعة حينها الثامنة، جلست وفعلت كل ما فعلته وكل ما فعلته لا يتجاوز الساعة، وكيف للحليب أن ينسكب على النار في أربعة ساعات ونصف حتى وإن كان على نار هادئة؟!
ونظرا لفضولي الذي كاد يقتلني مكثت فترة طويلة من الزمن أفكر في حل لهذا اللغز العصيب، كيف لي أن يحدث كل هذا معي في أربعة ساعات ونصف؟!؛ حاولت أن أجعل من هذا الموضوع الغريب حلا لما يؤرقني فاعتبرتها الإشارة التي تحدث عنها الكتاب، ولكن الغريب في الموضوع أيضا أنه مر على الطقوس أربعة شهور ولم يحدث أي شيء على الإطلاق!
اقرأ مزيدا من قصص جن من خلال:
قصص جن بعنوان ” جن الليل الأسود وسر الليالي المظلمة”!