قصص جن بعنوان روح شريرة من كتاب عتيق!
من منا لا يجد فضولا داخليا يجعله أسيرا له في بعض أمور الحياة ولاسيما الخطرة منها؟!
دافعا بداخلك يجعلك تتحدى المستحيل وتصنع المعجزات وتنقاد وراء نفسك لإرضائها، أمررت به من قبل؟!
من منا لا يشعر بفضول داخلي عنيف تجاه أمور الجن وما يتعلق بها من منازل مهجورة وأماكن مخيفة وكل ما شابه ذلك؟!
من منا إذا جاءته الفرصة ليكتشف شيئا عن العوالم الخفية يتركها وراءه؟!
القصــــــــــــــــــــــة:
على الرغم من أصوات المطر الغزيرة إلا إنني كنت أسمع صوت شخص يركض خلفي، وعلى الرغم من محاولاتي البائسة لكيلا ألتفت إلا أنني في النهاية انقدت وراء فضولي ونظرت خلفي لأرى صوت الركض واللهث وإذا بي أفاجأ بكونها هي من تركض خلفي!
وأول ما نظرت إليها تسمرت قدماي بالأرض، وإذا بها تنقض علي وتلتف يديها حول عنقي، كانت تخنقني خنقا عسيرا، ولم يخرج من يدي إلا إنني كنت أنظر إليها في أشد الحيرة أهي أمي أم الشيء ذو العينين الحمراء الذي كنت أهرب منه تجسد على شكلها؟!؛ ولكنها ترتدي نفس الملابس التي تركتها بها من وقت قليل، ولكن كيف لها أن تكون أمي وهي من الأساس على الدوام مقيدة بسبب ما أصابها من مس شيطاني؟!
لم أدري ما إجابة السؤال الذي حيرني، ولكني للحظات شعرت وكأني أفارق الحياة وعلى يدي أمي، وفي لحظة واحدة وجدت والدي وخالي في معافرة لتخليصي من تحت يديها، كان لديها إصرار رهيب في قتلي خنقا، أخذوها بالقوة وعادا بها للمنزل، ولحسن الحظ لنا جميعا أن الشارع بأكمله كان خاويا ولم يرنا أحد من السكان.
صرت واقفا مصدوما أفكر في الطريقة التي جاءت بها والدتي خلفي كل هذه المسافة والسبب لتقتلني؟!، والكثير والكثير من الأسئلة التي لم أجد لها إجابة، ولكن الشيء الوحيد الذي كنت موقن من إجابته ومعرفته أنها لم تكن والدتي على الإطلاق، بينما كانت تحاول قتلي خنقا كنت أسمع حينها صوت زمجرة ليست لبشري على الإطلاق، صوت غضب مكبوح نابع من داخلها!
بالكاد تمكنت من تجاوز كل الأفكار التي تدور برأسي، والمشاعر التي أشعر بها واتجهت للعطار، وحمدا لله وجدت كل ما طلبه جدي لديه، اشتريت كافة الأشياء وعدت للمنزل، وطوال الطريق كنت ألتفت يمينا ويسارا خوفا من أن يحدث شيء مما عانيت منه في الساعات القلائل التي مرت علي وكأنها سنوات ثقال.
وأول ما دخلت العمارة وجدت نفسي ألتفت للسلم خوفا من ذات العيون الحمراء أن تضع يدها علي أخيرا، وسرعان ما دخلت الشقة عند جدي “رأفت” لأعطيه الطلبات التي عانيت الأمرين لأتحصل عليها؛ وجدته وقد فعل أشياء مثلما فعلها شيخ من قبله، وجدته قد أحضر ورقا أبيض بلا خطوط نهائيا وقلم به خليط غريب ذي لون أحمر ليكتب له، وشمعة أيضا، وكان الشيء الغريب الذي انفرد به جدي عن الشيخ السابق أنه قام بحرق الورقة بعدما قام بكتابة أشياء غير مفهومة بالنسبة لي عليها حتى صارت الورقة رماد، ومن ثم أخذ جدي كامل الرماد ومسح به على قدمي أمي.
كنت أجلس بالصالة بالخارج وأسمع وأرى كل ما يفعله، وحالما انتهى جدي من وضع الرماد كاملا على قدمي أمي إذا بها تعتدل في جلستها وتنظر إلي وتزمجر بشدة، فهمت أنها تريد أن تخرج من الغرفة، فقمت بغلق الباب بشدة لأمنعها من الخروج وبشكل نهائي، حينها لم أدرك بالتحديد أأرادت والدتي الخروج من الغرفة لمجرد الخروج، أم إنها أرادت الخروج لتكمل ما فشلت في فعله من قليل (قتلي)!
قضي جدي “رأفت” قرابة الساعة وهو يقرأ على والدتي بالداخل حتى تغير صوتها، صرت أسمعه يتحدث للجنية ويأمرها بالرحيل إما لها الحرق مثلما فعل بالورقة، ووالدتي تصرخ وتتوعد بالهلاك للجميع، في هذه اللحظة أيضا تغيرت زوجة خالي بالكامل وصارت تتصرف مثلما تتصرف أمي بلا نقصان، تبدلت كليا وصارت تتحدث وكأن شخصا آخر يسكن جسدها ويحدثنا من خلاله!
تعالت أصوات صرخات زوجة خالي بطريقة اضطر فيها جدي “رأفت” للخروج من غرفة أمي والذهاب إليها ليغيثها، كان جدي العرق قد غطى جسده بالكامل والتعب والإرهاق بات مقروءا على جبينه؛ في هذه اللحظة شعرت بالنعاس في عيني بطريقة كنت لا أقوى على التغلب عليه فصعدت للطابق الخامس لأنام وأشعر ببعض الراحة، من كثرة التعب الذي كنت أشعر به والإرهاق والنعاس فور فتحي لباب الشقة ما رأيت أمام عيني سوى نفس الكنبة، فسقطت عليها وغصت في النوم لدرجة أنني لم أغلق خلفي باب الشقة، وليتني لم أفعل ذلك!
في البداية شعرت وكأنه هناك أشواك بحجم غير طبيعي تنغرز في كامل جسدي، ومن ثم شعرت وكأن الكنبة تسحبني كاملا للأسفل، المصيبة الكبرى أنني أشعر بكل ذلك ولا أقوى أن أحرك ساكنا في كامل جسدي، وإذا بي أرى أمام عيني منظرا لآخر يوم في عمري لن أستطيع أن أنساه!
لقد كانت الجنية التي حضرتها بجهل مني لعالمنا الخاص بنا، جاءت عنوة وكما جاءت غصبا وجبرا أخذتني لعالمها غصبا وجبرا، صرت بين أهلي جسدا بلا روح، فروحي علقت بعالمهم!
اقرأ مزيدا من قصص جن من خلال:
قصص جن بعنوان عارض من العالم الآخر!