قصص طويلة بعنوان قرار مصيري!
إن الحياة أيام معدودات، سنحاسب على هذه الأيام ولن يحاسب عليها غيرنا، لذا فاجعل قرارك من نفسك!
عش الحياة مثلما تريد ولا تجعل أحدا يملي عليك رأيا، فشخصيتك تختلف عن شخصية من حولك، لا تجعل أحدا يفرض عليك شيئا أنت لست راضيا عنه ولاسيما بكل ما يخص أمور الزواج.
القصــــــــــــــــــــــــــة:
من أجمل قصص طويلة لما تحمله من معاني حقيقية للرحمة والمودة وحسن الاختيار، وربما التراجع عن قرارات غير صائبة في الوقت الأخير…
قصة حقيقية حدثت بالفعل على لسان صاحبتها، لقد تعرضت لموقف مؤثر للغاية طبع على قلبي وبعقلي وجعلني أتخذ قرارا تغيرت حياتي إثره مائة وثمانون درجة، قبل موعد زفافي بأسبوع واحد وحسب، كنا قد عقد قراننا قبلها بشهر واحد وانتظرنا ترتيبات الفرح مثلما أردنا، أعددنا كل شيء أهلي وأهل زوجي ولم يجعلوا شيئا في نفسي إلا وفعلوه، وقبل موعد الزفاف بأسبوع واحد تعرضت جدتي لوعكة صحية نقلت إثرها للمستشفى في الحال.
وبكل تأكيد ذهبت للمستشفى مثل الجميع لنطمئن على حال جدتي، وجدت جدي ولأول مرة طوال حياتي بهذه الحالة، لقد وجدته حزينا حاله يرثى له وهو من عهدناه بالقوة والصلابة طوال عمره، وجدت دموعه تتساقه على خديه، كان يقف أمام باب غرفة العناية المركزة، وجدت نفسي تلقائيا أقترب منه لأخفف عنه حدة ما يشعر به، سألته رغما عن إرادتي: “أتبكي يا جدي؟!”
فوجدته يجيبني ويديه الاثنتين تسمحان دموع عينيها المتساقطة: “دموعي تساقطت لهول ما أجد بداخلي، جدتك تعبت فجأة”!
حاولت أن أطمئنه: “لا تقلق يا جدي، جدتي ستخرج لنا بألف عافية، أدعو الله لأجلها”.
فأجابني بجملة قلبت حياتي رأسا على عقب: “وكيف لا أدعو الله لأجلها وهي قطعة من أعماق قلبي؟!”
تعجبت كثيرا من حال جدي، فكيف يعقل أن يكون شخصا قويا للغاية صلبا وحازم كما عهدته طوال عمري، علاوة على أنه من جيل مر عليه الزمن بزمن، لم أعتقد أن يكون رومانسيا بكل هذا القدر الذي لمسته يومها، فقررت أن أخفف عنه وألا أسأله عن شيء مجددا حتى نطمئن عليها.
أردت أن أشتت انتباهه فسألته: “ولكنك يا جدي هل أحببت امرأة أخرى غير جدتي؟!”
فابتسم ابتسامة طبع أثرها سعادتها على أعماق قلبي وقال: “كثيرا ربما لا يمكنني أن أحصي لك عددا، لقد كان هناك الكثيرات من يلاحقنني ليوقعن بي وكلهن جميلات، فكما تعرفين جدك كنت شابا أتمتع بالحسن الفائق وثريا للغاية وعائلتي لها شأنها، فبالنسبة للكثيرات كنت صيدا أردن أن يظفرن به”.
ابتسمت وسألته بخبث: “أفهم من حديثك أن جدتي لم تكن على قدر من الجمال مثلهن؟!”
نظر إلي وحدثني قائلا: “أتعلمين جدتك تمتلك ما لم تمتلكه أي امرأة بالأرض بأكملها، روحها جميلة أتعلمين عيون جدتكِ لها قصة وحدها، أتعلمين من النظرة الأولى التي رأيتها فيها أردتها وبشدة أن تكون زوجة لي تحمل اسمي وتكون أما لأبنائي وجدة لأحفادي (ونظر إلي حينها فابتسمت)”.
فسألته بفضول: “وكيف كان رؤيتك الأولى لجدتي؟!”
فقال جدي: “كانت في طريق عودتها للمنزل، وكانت تمسك بإخوتها والعرق على جبينها يصب صبا من شدة التعب والعناء، وجدتها تبتسم لأخيها الصغير ابتسامة ساحرة أسرت قلبي حينها”.
طوال عمري لم أسمع كلاما ووصفا بهذه الطريقة وهذه الكيفية، والأهم من الحديث نفسه صدق الحديث، جدي كان يتحدث ولكني شعرت بالحديث يخرج من أعماق قلبه، كل كلمة ذكرها عن جدتي كانت تلمع عينيه إثرها، فسألته: “جدي هل تخاصمتما يوما وبقلبيكما كل هذا الحب تحملاه لبعضكما البعض؟!”
فأجابني: “أكيد تخاصمنا كثيرا، ولكنا كنا نصفو حينها ونتعاتب ولا يطول خصامنا”.
تذكرت لحظتها زوجي المستقبلي ما شعرت بكلمة واحدة مما ذكرها جدي طوال فترة خطوبنا حتى وأننا على أعتاب دخول عش الزوجية، ولكني لم أشعر بحبه المتبادل معي، وقفت لحظات مع نفسي أحاول أن أجد له موقفا مثيلا بما ذكره لي جدي، ولكني صدمت صدمة عمري فكل مواقفه معي ما هي إلا عبارة عن انتقادات لاذعة، تحتاجين أن تفقدي من وزنكِ، أنتِ فتاة لن تنفعي في شيء فأنتِ مدللة؛ لم يقطع أفكاري والحزن الذي خيم على قلبي إلا صوت الطبيب الذي جاء يزف خبر البشرى لجدي بأن زوجته باتت طيبة ويمكنه رؤيتها ولكن عليه ألا يجهدها.
وجدت جدتي يهرول إليها وكأنه طفل صغير اشتاق لأمه كثيرا وأخيرا سيراها بعد طول انتظار، أما عن نظرات جدتي فكانت نظرة حب تتخللها سعادة بصدق متناهي، يهيأ لي يومها أنني ما علمت قلبهما المعنى الحقيقي للحب الذي أريد، أنا أريد حبا مماثلا لذلك ولا أريد غيره.
حبهما دام لأربعين عاما وربما أكثر من ذلك، لم يرضى جدي في جدتي، كان يعلم يقينا بأنها تحبه وبشدة من أعماقها ولكنه لم يستغل هذا يوما، بل أحبها وصانها ولم يعرض قلبها للأسى والحزن، بهذا اليوم لم يغمض لي جفن واحد وأنا أقلب في كل الرسائل التي كان يرسلها لي من المفترض أن يكون زوجي المستقبلي بعد أقل من أسبوع، وجدت نفسي أقرأها بمنظور آخر، قبل هذا اليوم لم أقرأها إلا وحبه كان يغشي على قلبي وبصيرتي، وبالفعل وجدته يتصل ويوبخني على إهمالي إياه دون أن يسألني عن سبب انشغالي، وليته كان يريدني لأنه اشتاق لي أو قلق تجاهي، وإنما يريد أن يسألني عن بعض التفاصيل، وجدت نفسي أعترض على أسلوبه وإهانته لي، تمادى في ذلك فأغلقت الهاتف في وجهه، وخرجت لوالدي ووالدتي وأعلمتهما أنني لا أريد الزواج من هذا الشخص، صعقا من قراري ولكني ثبت عليه.
وها أنا اليوم قد عوضني الله بزوج لا أجد في حنيته وخوفه علي، ورزقني بطفلة جميلة على الدوام تخبرني أحبكِ يا أمي مثلما يقولها لكي أبي أحبكِ يا حبيبة قلبي.
اقرأ أيضا مزيدا من قصص طويلة حزينة من خلال: قصص طويلة بعنوان يوم لن يمحى من الذاكرة!