قصص القراء

قصة البخيل والياقوتة العجيبة بقلم اماني بن هلال

قصة جديدة مسلية نقدمها لكم من خلال موقع قصص واقعية من قسم قصص القراء بقلم أماني بن هلال ، القصة احداثها مسلية ومثيرة تعرض لأول مرة من خلال موقعنا بعنوان البخيل والياقوته العجيبة، نتمني ان تنال إعجابكم، ولا تنسوا ان تكتبوا تعليقاتكم وقصصكم المسلية من خلال التعليقات .

صورة خاتم بحجر كريم
ياقوته بحجم كبير

البخيل والياقوتة العجيبة

يحكي انه كان هناك رجل يعيش بمفرده في كوخ بسيط جدا لا يكاد يقيه برد الشتاء أو حر الصيف. و كان مشهورا بين أهالي قريته بالشح و البخل الشديدين التي لم يرى لهما مثيل, حيث انه وصل به الحال أن يأكل رغيف خبز و حبة زيتون و يخبئ نواتها لوجبة أخرى. رغم أن حالته المادية تسمح له أن يعيش عيشة كريمة, إلا انه كان منهمكا في ادخار المال و تجميعه.
و ذات يوم بلغه أن احد أقاربه قد توفي و انه هو وريثه الوحيد, و يتمثل هذا الإرث في 4 جمال, و بالأموال التي كان يدخرها اشترى جملا خامسا و أصبح يعمل جمالا, ينقل بضائع الناس. و شيئا فشيئا أصبح معروفا بين التجار كذلك وزاد رزقه و كثر ماله. لكنه لم ينسى عادته القديمة, فتراه يأكل من زاد هذا و يتسول اللقمة من ذاك حتى لا يصرف قرشا واحدا من كيسه. و رغم حالته الميسورة حافظ على هندامه البالي و الرث حتى انك ما إن تراه حتى تعطف عليه و تظن انه متسول مسكين. في حين أن الحقيقة عكس ذلك.
و مرت الأيام و الأشهر على ذلك الحال إلى أن أصبح يمتلك قافلة كبيرة متكونة من 80 جملا. يسوقهم و يهتم بهم جميعا بمفرده حتى لا يضطر لدفع أجرة أناس آخرين.
وذات يوم, و عندما كان عائدا من إحدى السفرات أحس بجوع مفاجئ فجلس تحت إحدى النخلات و اخرج رغيف خبز وبعض التمرات و دمعة ماء و جلس يسد رمقه. و إذ به يرى رجلا قادما نحوه من بعيد فامتعض البخيل كثيرا و استاء من هذا الضيف غير المرحب به. اقترب الرجل من البخيل أكثر إلى إن أصبح يفصل بينهما بعض الأمتار. القي الرجل التحيةꓽ” السلام عليكم”. و لكن صاحبنا البخيل كان مقترا حتى في الكلام. فلم يرد عليه و تجاهله تماما. و ما راعه إلا أن الرجل جلس القرفصاء و اخذ تمرة من التمرات التي كانت أمامه و تناولها. حينها رفع الجمال رأسه و تمعن بعينين جاحظتين في ملامح هذا الضيف ثقيل الدم. فوجده رجلا عجوزا ذو لحية بيضاء كثيفة و ثوب ابيض و عصا في يده. لكن كبر سن الضيف لم يمنع الجمال من الصراخ في وجهه قائلاꓽ  “هل جننت يا هذا كيف تتجرا و تأكل من طعامي؟”
_ رد العجوزꓽ “ألا ترحب بضيف الله يا أخي؟”
_ قال البخيلꓽ “لا, لا أرحب به, مادام سيشاطرني قوتي , ألا ترى أن الطعام قليل؟”
_ “لا تقل هذا يا رجل و قل الحمد لله لينزل الله بركته فما يكفي لواحد يكفي لاثنين.”
_” كف عن هذا الهراء! ما يكفي لواحد لا يكفي إلا لواحد. والآن هيا قم و اذهب في حال سبيلك.”
_ “كبر قلبك يا هذا… و لا تسعي وراء الحياة الدنيا و المال سعي البعير. فالملك لله وحده و كلنا راحلون و لن نترك ورائنا شيء.”
_ “وفر نصائحك لنفسك. أتريد مني أن افعل مثلك و ابذر مالي, ولا اترك شيئا استند عليه في كبري و أصبح عالة على الناس آكل طعامهم ؟
_ أنا! أنا احمد الله و اشكره لدي ما يكفيني لقرون قادمة و هررك هذه التي تتفاخر بها لا تسوى أمام ثروتي شيئا. لكن رغم قلة مروءتك و حفاوتك أنا سأجازيك مقابل ما أكلت من زادك. رد عليه الجمال في استهزاءꓽ “أنت! و بماذا ستجازيني يا ترى !”
قال العجوزꓽ “سوف املآ  لك جملا بالقطع الذهبية و المجوهرات.”
_ “ماذا ! أنت! أتمازحني يا هذا !”. قال الشيخꓽ “نعم أنا املك كنزا. إن أردت يمكنك الذهاب معي و مساعدتي على إخراجه و سوف املآ لك حمولة كل جمالك ذهبا و ياقوتا و أعطيك منهم جملا واحدا و اخذ أنا البقية. ما رأيك ! إذا كنت موافق على شرطي هيا لنذهب.”  فكر الجمال و أحس أن فرصة العمر قد جاءته على طبق من ذهب. و انه لن يخسر شيء إن ذهب معه, بل لربما يصدق العجوز في قوله و يصبح من الأثرياء. انطلق العجوز و الجمال في طريقهما إلى أن وصلا إلى مكان فيه صخرتين كبيرتين بجانب بعض .
جمع الشيخ بعضا من أعواد القش و أشعلهم و رمى حفنة من البخور غريب الرائحة. بدا الشيخ يتمتم بتعاويذ و كلمات غير مفهومة, و ماهي إلا لحظات حتى انشقت الأرض ما بين الصخرتين و ظهر سرداب مظلم. طلب الرجل العجوز من الجمال أن ينزل إلي الأسفل و يمتع ناظريه بأكوام الذهب و المجوهرات و الأحجار الكريمة التي لا حصر لها. لكن أكد عليه أن لا يلمس شيء. و ما إن نزل الجمال حتى وجد نفسه في كهف كبير مقسم لغرف . كل غرفة فيها ما يسحر العيون ويذهب العقول. يوجد غرف مليئة بالذهب, و أخرى بالياقوت و أخرى مكدسة بالتيجان المرصعة. و كل غرفة يدخل بها الجمال كانت تنسيه في سابقتها, لقد وجد نفسه يتجول في أحضان كنز عظيم لم يتخيل وجوده أبدا. بصعوبة بالغة تمكن من ضبط نفسه و عدم لمس شيء و كل ما كان ينوي الخروج كان يلتفت وراءه غير مصدقا لما رأت عيناه.

و عندما خرج وجد الرجل في انتظاره, قال العجوزꓽ “إذن ما رأيك ! هل صدقتني الآن ؟ وهل سرك ما رأيت ؟.” أجاب الجمالꓽ “وهل اقدر على تكذيب رجل جليل فاضل مثلك ! من الآن فصاعدا أنا عبدك و رهن إشارتك واطلب منك العفو و السماح. قال العجوزꓽ “حسنا! الآن سننزل سويا للأسفل و سوف املآ لك الأكياس و أنت اصعط بها إلي فوق. وافق الجمال و نزل الاثنين و بدا في مهمتهم. و ما إن اكتملت حمولة الثمانون جملا حتى خرج كلاهما من الكهف, و عند خروجهم لفت انتباه الشيخ ياقوتة كانت ملقاة على الأرض فأخذها و فتحها ثم أغلقها ووضعها في جيبه. وقد لمحه الجمال ورأى ما فعله. و عندما خرجا من الكهف قال العجوزꓽ “لقد أتممت وعدي, والآن خذ جملا بحمولته من الذهب حلال عليك و امضي في طريقك.”
شكر الجمال العجوز وقبل يده و انطلق في طريقه. و لكن بعد أن ابتعد بمسافة قصيرة بدأت نفسه الأمارة بالسوء و طمعه اللامحدود يوسوسان له و أحس انه من الظلم أن يأخذ هو جملا واحدا فقط و يترك للعجوز تسعا و سبعين جملا. فارتأى أن يعود مجددا للعجوز و يطلب منه جملا آخر. و بالفعل عاد أدراجه مسرعا ووجد الشيخ لازال في نفس المكان الذي تركه فيه و كأنه كان على يقين انه سيعود. قال الشيخꓽ “ما بك يا رجل هل أنت بخير لما عدت؟ . أجاب الجمالꓽ “بخير يا سيدي لكنني قلت في نفسي أن هذا الرجل رجل كريم و معطاء و ذو أخلاق عالية ولن يمتنع عن اعطائى جملا آخر.”
وافق العجوز على الفور و اخذ الجمال الجملين بما حملا و ذهب. ونظرا لما وجده من تساهل و كرم من الشيخ طمع أكثر وأحس انه كان يجدر به طلب أكثر من جمل واحد. و بالفعل عاد مرة ثانية ووجد العجوز في انتظاره. وهذه المرة طلب من العجوز أن يعطيه نصف عدد الجمال. استغرب الشيخ من جشع و قلة معروف هذا الرجل و قالꓽ “لماذا كل هذا الجشع! فحمولة جملين فقط يجعلانك تعيش في بذخ كبير أنت و أولادك و أحفادك.” رد الجمالꓽ “اعلم يا سيدي و اشكر فضلك لكن لا ضرر من زيادة الخير و هكذا تصبح القسمة عادلة أكثر و نتفارق و نحن راضيان.”
وافق الشيخ و أعطاه طلبه و اخذ الجمال الأربعون جملا و سار في حال سبيله. و كالعادة راجع الجمال نفسه الجشعة و أحس انه أخطا لأنه لم يطلب كل الجمال فالشيخ رجل قادر و مبارك و يستطيع إخراج أي كنز آخر ببعض البخور و التمتمة, فقرر العودة إليه من جديد. و لما رآه قال الشيخꓽ “كنت متأكدا من انك ستعود فطمعك و جشعك ليس لهما حدود ماذا تريد هذه المرة؟
أريد بقية الجمال إن لم تكن تمانع!. في ماذا ستحتاجهم و أنت رجل قادر على فتح أي كنز متى شئت بأعواد قش و بعض البخور.
_ ألا تستحي يا هذا! كفاك طمعا الم نتفق منذ البداية؟
_  “اجل لكن أنا رجل لا أزال في مقتبل العمر و لدي طموحات كثيرة, كما أن هذه الجمال كانت لي في الأصل.” قال الشيخꓽ ” لك ما طلبت, خذ كل الجمال ولا ترني وجهك مرة أخرى.” فرح الجمال كثيرا و أسرع في اخذ الجمال قبل أن يغير الشيخ رأيه و هم بالرحيل. لكن فجأة تذكر الياقوتة الكبيرة التي أخذها الشيخ عند خروجهم من الكهف. فقال البخيلꓽ “و ماذا عن تلك الياقوتة الكبيرة ! ماهي قصتها و لماذا تخبئها بعناية هكذا؟.” حينها رد الشيخꓽ “لا,  هذه الياقوتة لا علاقة لك بها فإنها ياقوتة عجيبة ولها سر خاص.”
_  “سر! و ما هذا السر؟.” اخذ الشيخ الياقوتة و فتحها و إذا بها في داخلها مرهم ابيض اللون, قال البخيلꓽ “ما هذا المرهم و لما يصلح؟”. أجاب العجوزꓽ “أغمض عينك اليمني.” و حين أغمض البخيل عينه اخذ العجوز القليل من المرهم و دهن له به فوق جفنه, ثم طلب منه أن يفتح عينه. و ما إن فتح الجمال عينيه حتى صعق من هول ما رأى, و كان كنوز الكون كله تجمعت أمام عينيه. أصبح يرى لمعان و بريق المجوهرات و سبائك الذهب في كل مكان و كأنه البرق في السماء. بدا يصرخ و يقفز فرحاꓽ “يا إلهي ما كل هذا ! أنا لا اصدق ما أرى.” قال الشيخꓽ  “نعم هذا المرهم يجعلك تري و تعرف مكان الكنوز المخبئة في جوف الأرض. و هذه الكنوز التي تراها ماهي إلا  كنوز مدفونة في قارة إفريقيا فقط.” حينها قال البخيلꓽ “إذن إذا دهنت عيني اليسرى سأستطيع رؤية كنوز الدنيا بأسرها؟” فرد عليه الشيخ بلهجة حادةꓽ “إياك أن تتبع طمعك و تفعل ذلك, لأنك ستفقد بصرك تماما و تصبح اعمي.”
_ كف عن هذه المخاوف يا رجل! قل كلاما يصدقه العقل. المرهم ذاته أضع منه على عين فأصبح أري الكنوز و يصبح بصري حديد و عندما أضع منه على عيني الأخرى أصاب بالعمى؟؟”
_ “اجل هذه هي الحقيقة. تب إلي الله وكن قنوعا بما وهبك إياه. انك الآن اثري من الملوك والسلاطين عد إلي بلدك و تصدق على الفقراء و المساكين و اطعم ألجوعي كي يبارك لك الله في رزقك.”
_ “احتفظ بنصائحك التي أكل عليها الدهر و شرب.” و انتزع الياقوتة من يد الشيخ عنوة. و دهن من المرهم على جفن عينه اليسرى. وما أن فتح عينه حتى وجد نفسه في ظلمة حالكة بدا يفرك عينيه و يصرخ لكن دون جدوى. “يا ويلتاه لقد صدق العجوز !. أرجوك يا شيخي ساعدني و رد لي بصري و خذ كل شيء. قال الشيخ بنبرة حزينةꓽ “لقد نصحتك مرارا و تكرارا و لم تستمع لي لا استطيع مساعدتك ها قد جنيت شر طمعك و جشعك.”
_ “لا أرجوك لا تتخلى عني. سامحني أعدك أنني سأتغير أرجوك يا سيدي……. أيها الرجل… يا شيخ!  أين أنت لما لا تجيبني ؟”  لا احد يجيب.  اخذ الشيخ الجمال و ترك الجمال ضريرا تائها بمفرده وسط الصحراء بعد أن سلبه الله كل ما يملك حتى صحته جزاء بما كان يملا قلبه من شح و طمع.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى