قصص قصيرة

قصة الصابون قصة تعليمية مفيدة بقلم : محمد لبيب البوهي

يسعدنا ان نستعرض معكم اليوم في هذا المقال من خلال موقعنا قصص واقعية قصة تعليمية جديدة مفيدة ومسلية، قصة الصابون توضح كيفية اكتشاف الصابون وفوائده، استمتعوا الآن بقراءتها وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص قصيرة .

قصة الصابون

كان سمير مع بعض اصحابه في رحله خارج المدينة وتناولوا فيها طعاماً دسماً مختلف الالوان ولكنهم عندما قاموا لغسيل أيديهم تذكروا أنهم لم يحضروا معهم قطعة من الصابون.. ومن أجل ذلك لاحظ سمير ان ما بيديه من دهن تخلف عن الطعام الدسم وشحم اللحم لم يذهب تماما عندما غسل يديه بالماء بغير الصابون ولما عاد سمير الى الدار أسرع على الفور وغسل يديه بالصابون فذهب تماما الشحم الذي كانت بقاياه ماتزال بيديه.. ومن هنا أخذ سمير يتأمل كعادته هذه القدرة العجيبة في تنظيف كل شيء.. الأيدي … والأجسام عند الاستحمام.. والملابس.. والمنازل.. والطرق.. والمدارس.. والمستشفيات.. وكل شيء آخر.. فالصابون عنصر هام في حياتنا.

من أجل ذلك جعل سمير بفكر في ذلك ويتأمل والتفكير عادة طيبة لازمت سمير زمنا طويلا.. وهو يعلم أن الفكر أساس المعرفة – والسؤال عما تجهل باب لذلك. ومن أجل هذا كانت اخته سعاد تداعبه وتصفه دائما بالفيلسوف الصغير، ولما رأته قد استحضر انواعا من قطع الصابون.. وضعها أمامه.. وراح يقلبها.. ويقارن بين شكل كل منها.. ولونه.. وحجمه.. ورائحته.. فقد وجدت على مكتبه انواعا شتی من صابون ابيض اللون.. وآخر اخضر او احمر.

وصابوناً ذا رائحة ذكية عطرة تنعش النفس، وصابوناً بغير رائحة، قالت سعاد : ماذا تفعل وفيم تفكر ايها الفيلسوف الصغير ؟ ولما رأته منصرفاً الي ما امامه من هذه القطع وبدا كأنه لم يسمع قولها ظنت انه قد غضب لأنها وصفته بالفيلسوف الصغير فعادت متلطفة مبتسمة كالمعتذرة تقول له : لا تغضب يا سمير، فاستمرارك في هذا التفكير سوف يجعل منك عندما يتقدم بك العمر عالماً او فيلسوفاً ذا شأن كبير .

قال سمير : إنني افكر يا سعاد في شأن هام، الصابون انه من نعم الله علينا، إن نعم الله كثيرة لا تعد وقد صدق الله العظيم فهو سبحانه يذكر بنعمه فيقول : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها صدق الله العظيم .

اشياء كثيرة يا سعاد منها مالا نلقي له بالاً لأننا تعودناه ومنها ما يبدو صغير الشأن وهو في الحقيقة ذا نفع كبير، تصوري علي سبيل المثال كيف يكون شأن الحياة لو خلت من شئ يبدو تافهاً هيناً مثل قطعة الصابون، لو خلت الارض من الصابون البسيط المظهر رخيص الثمن كيف سيكون شأننا، وشأن بيوتنا ومدارسنا وطرقاتنا ومستشفياتنا، وكل شئ في الدنيا .

تري متي وكيف عرف الانسان الصابون ؟ هذا ما افكر فيه واود معرفته يا سعاد .. قال سعاد : هذا امر جدير بالمعرفة، وعليك ان تسأل المعلم عندما يحضر يا سمير، وعندما جاء المعلم وسأله عن الصابون تبسم ضاحكاً وقال : عرف الصابون منذ قديم الزمان والعجيب ان الانسان قد عرفه مصادفة مثل كثير من الاشياء التي كشف الانسان بالفكر والبحث عنا الحجاب، لقد كان الكشف عن الصابون مصادفة بمعرفة سيدة في الزمن القديم اخذت تتأمل حادثاً بسيطاً قد يمر عليه كثير من الناس دون ان يلقوا إليه بالاً .

كان ذلك من مئات السنين وقد اجتمع قوم من أهل احدي القري في احدي الغابات وقد صادوا غزالاً ثم ذبحوه وسلخوه وفوق النار ألقوه واجتمعوا حوله في انتظار اكله مشوياً، لما كانت النار تحته من الخشب، لاحظت سيدة ذكية من اهل الغابة أن شحماً يسيل من الشواء من تأثير النار، ويختلط هذا الشحم برماد الارض، وبعد أن أكل اهل الغابة هذا الظبي المشوي أرادوا تنظيف ايديهم مما علق بها من اوساخ، فراح بعضهم يغسل يديه بالماء مجرداً كلن الماء وحده لم يستطع ازالة كل ما في ايديهم من بقايا الشحم .

ولاحظت السيدة أن آخرين اخذوا يخلطون الماء بالرماد حتي صار من الماء وذلك الرماد عجينة صغيرة راحوا يغسلون بها ايديهم فاستطاعوا ازالة بعض الشحوم والاوساخ من ايديهم ولكن ايديهم لم تصبح نظيفة تماماً .. وعن طريق المصادفة التقط بعض الحاضرين اجزاء من الرماد الذي وقع عليه الشحم الذي سال من الشواء واختلط هذا الشحم بالرماد وجف فيه وتداخل ولما اخذ البعض بطريق المصادفة شيئاً من هذا الرماد وغسلوا به ايديهم زالت عنها الاوساخ تماماً .

لقد لاحظت السيدة هذا وكانت ذات فكر وتأمل مثل فيلسوفنا الصغير سمير فجعلت تفكر في هذا الشئ الذي كشفت عنه المصادفة، وهو قدرة الشحم الجاف المختلطة بالرماد علي ازالة الاوساخ .

ومنذ ذلك الحين تعودت هذه السيدة الذكية أن تجمع ما بتبقى لديها من دهون وزيوت من بقايا شواء اللحم.. أو غيره وتجعل ذلك في وعاء خاص وفي ذات الوقت تجمع رماد الخشب المحترق المتبقي من آثار الطهي او التدفئة.. حتی اذا تجمع لديها قدر من ذلك الرماد اخذت تصب عليه الماء لنذيب مادة في الرماد تسمى البوتاس.. ثم نضع ماتجمعه من بقايا الدهن مع ماتجمع لديها فتحصل على عجينة بعد أن تجعل منها قطعا صغيرة منتظمة مثل قطع الطوب الصغير.. وتعلم أخرون من جيرانها منها ذلك وهكذا بدأ الناس يعرفون الصابون بطريقة بدائية.

ولما جاء القرن التاسع عشر الميلادي أخذ العلماء هذه البداية بالتطوير والتحسين واضافة مواد اخرى الى البوتاس مثل النشا وغيره من المواد المتشابهة واقيمت مصانع للصابون .. وجعلوه على اشكال ذات احجام مختلفة واستعملوا بدل الدهون الحيوانية دهونا اخری نباتية وزيوتا مثل زيت الزيتون.. وغيره من أنواع الزيوت.. كزيت النخيل.. وزيت جوز الهند وزيت بذرة القطن.. وتحددت للصابون اشكال واحجام تخرجها عدد و ألات.. ومنها ما يضاف اليه بعض الروائح العطرية.. ومنها مايوضع عليه نقوش ورسوم.. واصبح يغلف في اوراق جميلة.. واصبح للصابون مصانع كثيرة.

لقد اصبح الصابون نعمة من نعم الله التي تفضل بها سبحانه على عباده.. والانسان بالفكر والبحث والعلم يدرك باذن الله الكثير من نعم الله على بني الإنسان.. لقد علم الله سبحانه الانسان مالم يعلم وجعل فضله عليه عظيما؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى